تعريف بالكاتب: A Millennial Introvert
تعريف بالكاتب: A Millennial Introvert
أنا اسمي عمرو، طبيب أسنان من القاهرة. أتولدت في ٤ سبتمبر سنة ١٩٨٦، يعني بعد شهور قليلة هكمل ٣٥ سنة. بابا وأختي وأخويا التلاتة أطباء، بيقولوا أن شخصيتي النفسية introvert.. انطوائي، رغم أني منفتح على العالم جداً، لكن لأني دايماً عندي رغبة أني أكون لواحدي.
لما كنت طفل كنت هادي جداً فوق ما ممكن أي حد يتصور. ماما بتقولي أني من هدوئي وأنا طفل كنت بتوه منهم جوه البيوت. كنا نكون قاعدين في بيتنا او بيت حد عازمنا وفجأة ميلاقونيش، فيقوموا يدوروا عليا. كانوا بيدوروا عليا كتير عشان يلاقوني، البيت كله يدور عليا، وعادة كانوا بيلاقوني قاعد في corner بلعب بلعبة.
لما كبرت شوية موضوع الانطوائية ده بدأ يتطور من مجرد حب للخلوة لرغبة في الهروب من أهلي. بقيت لما أخرج مع أهلي في مكان عام أكون مبسوط جداً، وفجأة أمشي وأسيبهم. طبعاً ماما تترعب وتقعد تدور عليا، لكن أنا بكون مبسوط جداً؛ بتفرج على الزرافة او بتمشى وسط التحف في gallery، او بجرب أطلع عكس اتجاه سلالم الmall الكهربائية. واحدة من خالاتي بتقولي أن زمان أيام خروجات العيلة في المعمورة كانت هيا ومامتي وأخواتهم بيعملوا shiftتات مراقبة ليا عشان متوهش منهم.
كمان كنت، حتى قبل ما أتعلم القراءة، عندي ولع بالكتب. في مرة بابا سافر ووهوا راجع جابلنا كتاب كبير جداً اسمه children’s concise encyclopedia، موسوعة للأطفال عن كل حاجة في الحياة متقسمة مواضيع حسب الأحرف الأبجدية. بابا كان مهتم جداً أننا نقرأه، ولأني كنت الوحيد في اخواتي اللي لسة مش بعرف أقرأ بقى كل يوم يقعد معايا ويقرأ لي موضوع منه. كنا نفتح الكتاب على صفحة بالصدفة، والموضوع اللي يطلع نقرأه. أسلوب رواية بابا المسلي خلاني حبيت الكتاب جداً، فلما كبرت شوية واتعلمت القراءة بقت القراءة فيه من هواياتي المفضلة. كنت لما بفتحه بحس كأني دخلت wonderland، أعيش مع الإختراعات والأساطير، وأقعد أقرأ لحد ما يحصل حدث كوني يخرجني برة تاني. من حبي للكتاب قررت أقرأه بالترتيب صفحة صفحة حسب الحروف الأبجدية. فضلت كدة سنين لحد ما وصلت لحرف الP، لكن للأسف بعدها سبته لإنشغالي بالمناهج الدراسية، وقراءة كوميكس Superman وBatman الأمريكية.
وكنت زي أي طفل بحب الcartoons وبتعلق بالشخصيات بتاعتها جداً. أنا فاكر وأنا صغير في السعودية لما كان بابا يجيبلنا بسكوت كابتن ماجد اللي بيبقى معاه cards وصور نجمعها ونبدلها مع جيرانا، وفاكر كمان أني كنت بسمي نفسي Prince Ali، زي Aladdin في الكارتون، عشان الأجانب بياخدوا بالlast name وبابا اسمه علي. هل ممكن يكون تعلقي بشخصية Aladdin هيا السبب أن ٣ من الcrushes بتاعتي كانت على بنات اسمها ياسمين؟ ولا أنا فعلاً Prince Ali وspirit الPrincess Jasmine عايشة حواليا وبتجيلي في شكل بنات اسمها ياسمين عشان أنقذها ونتجوز؟ مش عارف. لكن في الحالتين دا دليل عملي بيبين أد إيه الcartoons بتأثر في شخصية الأطفال لما يتفرجوا عليها. The Last Unicorn، The Lion King، Beauty and The Beast، كل دي أفلام كنت بتفرج عليها كتير وأنا صغير وأثرت في شخصيتي، وخلتني دايماً حاسس أني ممكن أكون بطل مميز جداً، وأغير في العالم حجات كتير.
كمان كنت من صغري عندي ولع بالهندسة. جت لي فترة كنت كل ما يجيلي لعبة جديدة ألعب بيها شوية وبعدين أفكها، وبابا طبعاً يزعل مني. لكن مع الوقت بابا تفهم تطلعاتي الاستكشافية دي فبقى لما يجيبلي لعبة يشتريلي منها اتنين؛ واحدة ألعب بيها والتانية أفكها. طبعاً اتصدم لما لقاني بفك الأتنين؛ كان فاكر أني بفكها عشان أعرف بتشتغل إزاي، لكن دا مكنش هدفي، أنا كنت بفكها عشان أطورها. لأن خيالي واسع فمهما كانت اللعبة اللي بابا بيجيبهالي حديثة بشوفها في نظري مملة، فبحاول أطورها. مفيش ولا لعبة بابا اشتراها لي حسيت أنها على قدر الamusement اللي بتطلع ليه، فكنت بسرح كتير بدل ما ألعب باللعب.
وبما أن بابا طبيب فكان بيحاول بأستمرار يوظف رغباتي الاستكشافية دي بشكل صحيح؛ مش بس عشان عايزني أطور نفسي، وإنما عشان كان حاسس أني لما أكبر رغباتي الأستكشافية دي هتتعدى مرحلة اللعب.
عشان كدة اشترالي أول PC في حياتي وأنا لسة في KG. ساعتها الcomputer كان حاجة خارقة بالنسبة لأي حد مهما كان سنه او مستواه التعليمي، بس بالنسبالي كان أول لعبة ألاقيها متقاربة مع تطلعاتي الاستكشافية. ساعتها الcomputers كانت كلها DOS وكان صعب جداً الأطفال يتعاملوا معاها، لكن رغم كدة قعدت مع أخواتي الكبار وبابا بيشرح لهم وقدرت بسهولة أتعلمه.
شوية وكبرت وخلصت الKG ودخلت أولى إبتدائي في المدرسة الإنجليزية بالقاهرة، The English School in Cairo. المدرسة كان بناها الإنجليز سنة ١٩١٦ كأول مدرسة لغات في مصر، وكانوا بانينها عشان يعلموا فيها ولادهم. بعد ثورة ٥٢ المدرسة اتأممت لصالح الحكومة المصرية، ظاهرياً، لكن فضلت عشرات السنين بعدها تحت هيمنة وإدارة الإنجليز وتلاميذهم، كمنارة للتعليم الراقي، لكن كمان لنشر التغريب الفكري.
إدارة المدرسة كانوا فيهم طباع الأنجليز وطبّعونا عليها. التزام صارم بالمواعيد، التزام صارم بالuniform، حتى تسريحة الشعر كان للمدرسة تسريحة شعر رسمية، وكانوا بيعملوا parents day مخصوص يجي فيه ولي الأمر عشان يتعلمها.
لبسنا كان formal جداً شبه لبس الطلبة بتاعت Hogwarts في Harry Potter، وكان لازم يكون كامل وعليه الbadge بتاع المدرسة. أما الshoes فكان لازم يكونوا متلمعين كويس وإلا متدخلش من باب المدرسة.
الانضباط الشديد دا مع الoutfit الformal أثروا في شخصيتي جداً وخلوني من صغري طفل كلاسيكي، ومن ساعة ما دخلت المدرسة فضلت الكلاسيكية تزيد فيا يوم ورا يوم، لحد ما وصلت سن المراهقة، ساعتها بدأت أتحرر من الكلاسيكية.
من الحاجات اللي أثرت فيا جداً هيا لما في أولى ابتدائي اتعلمت كلمة “travelling”. من ساعتها وانطوائيتي دخلت بُعد مختلف.. بقيت أرسم في كراريسي وكتبي حاجات بتطير؛ طيارة.. صاروخ.. the magic carpet.. وتطورت فكرة الهروب من أسرتي إلى الهروب من العالم كله..
عدت سنتين وكبرت وخلصت تالتة ابتدائي وكعادتي طلعت الأول على المدرسة. ولأن تالتة ابتدائي كانت لسبب غير مفهوم بالنسبالي مميزة عن أولى وتانية بابا قرر يجيبلي هدية نجاح كبيرة، computer جديد غير اللي عندي، أقوى منه ومتطور أكتر.
ساعتها كانت Microsoft عملت الWindows 3.11 وكان أحدث حاجة في عالم الcomputers. أنا فاكر اليوم دا بابا جمعني أنا وأخواتي وقعد يفرجنا عليه، وقالنا أنه كل يوم هيعلمنا فيه حاجة جديدة. وقال لنا أن computer هو المستقبل وأن هو اللي هيخلينا متميزين، وأنه عايزنا نتعلمه كويس جداً. وعلى قدر بساطة كلام بابا وبديهيته بالنسبة لأي حد بيقرأ كلامي دلوقتي إلا أن كلامه كان سابق جداً لزمانه ساعتها وأثر فيا جداً، فكان ليه دور كبير في تشكيل فكري ومبادئي، وبقى التمييز في التكنولوجي عندي يرقى لدرجة المسؤولية. وبعد ما كان الكمبيوتر بالنسبالي لعب games كوسيلة ترفيهية زي الأتاري والgameboy والnitendo بقى بالنسبالي حاجة أكبر بتجمع كل أفراد الأسرة، وبقيت بتابع كل جديد في عالم التكنولوجي وإزاي هتطور في المستقبل.
ومع بداية الدراسة وبداية رابعة ابتدائي ماما ندهتني وقعدتني عالكنبة وقعدت جنبي وقالتلي أنها خلاص مش هتذاكرلي وأني من السنادي هبدأ زي إخواتي أذاكر لواحدي، وكانت دي أول مرحلة ليا في تحمل المسؤولية، لكن بنفس القدر كانت باب لأني أكون أكثر انطوائية، خصوصاً بعد ما في خامسة ابتدائي اتعرفت على الinternet، وبقى الإنترنت بالنسبالي حياة موازية لحياتي بهرب ليها لما أكون عايز أقعد لواحدي..
خلصت خامسة إبتدائي وطلعت الأول عالمدرسة فبابا جابلي هدية نجاحي mini-computer، جهاز إلكتروني صغير بخزن عليه memos وreminders وأرقام تليفونات أصحابي. دا طبعاً زود إرتباطي بالحياة الرقمية، ولما خلصت الأجازة ودخلت أولى إعدادي بقيت أخده معايا وأنا نازل المدرسة أحطه في جيب الblazer زي رجال الأعمال. ولأني بطلت ألبس الcravat الزرقاء بتاعت أطفال ابتدائي، وبقيت ألبس الcravat الحمراء بتاعت طلبة الإعدادي، أكتملت كلاسكيتي تماماً بحيث مبقاش ينفع تزيد. وبالتحول الكبير دا بدأت سن المراهقة.
ظهرت تحولاتي الفكرية في القراءات والأغاني والأفلام اللي بهتم بيها، بدأت ببعدي عن الأصالة واتجاهي للحداثة، ومنها للثقافة الغربية. ومع ولعي بمادة الpoetry اللي بدأت أدرسها في السنة الأولى من المرحلة الإعدادية ومجلات Archie & Jughead اللي الpen pal بتاعي كان بيبعتهالي من ولاية جورج-تاون الكندية بقيت معتز جداً باللغة الأنجليزية وكاره بشدة للغة العربية، وبقيت لما أكون مع أهلي في العربية وبابا يشغل إذاعة الأغاني المصرية أحط headphones الwalkman في وداني وأسمع أي حاجة أجنبية، ولو رايحين فيلم عربي في الcinema أكون مخنوق وأدخل أنام في التكيف او ألعب في الموبايل، وكان لما يجيي معاد مهرجان الأوبرا للثقافة العربية أروح مع أهلي وأنا متضايق وفي الاستراحة أسيب بابا يشتري الشاي لواحده وأنزل أتفرج على معرض الفنون الإيطالية، وبعد ما كنت بزن على ماما عشان أحضر معاهم حفلات محمد الحلو وأمال ماهر وفرقة يحيى خليل الموسيقية، بقيت برفض أروح معاهم عشان أقدر أحضر حفلات الflamenco والpiano والviolen ومسرحيات shakespeare الكوميدية، وفضلت شهر بعد شهر وسنة ورا سنة أبعد عن أهلي وفكرهم الشرقي وحياتهم المصرية، وبقالي صحاب كتير عالنت، أجانب او مصريين متغربين زيي، ومع بداية تصييفي في مارينا في صيف ١٩٩٩ بدأت أتحرر بالتدريج من القيود اللي بابا كان حاطتها عليا، ومع دخول سنة ٢٠٠٢ بقيت مراهق متأمرك متمرد في السنة الأولى من المرحلة الثانوية..
من بداية أولى ثانوي ولحد منتصف تانية ثانوي كانت حياتي كلها تمرد وجنون ومشاكل مع أهلي؛ إهمال في المذاكرة وتزويغ من المدرسة، استدعاءات ولي أمر لسوء الأدب في الكلام، خروج كل يوم وسهر برة البيت.. حاجات عمر ما بابا وماما شفوها من أخويا او أختي، وبقيت يوم ورا يوم بتغير للأسوأ.
من الأمثلة البسيطة على التشوه الفكري اللي حصلي أني بقيت أتعمد إظهار البهدلة في مظهري، بشكل عام وخصوصاً وأنا رايح المدرسة، ظناً مني أن البهدلة look أجدد وأفضل، دا اللي كان ظاهر ليا من الamerican music & movie industry، في حين كان الدافع الحقيقي اللي في عقلي الباطن هو التمرد على الفطرة.
بطلت أكوي الchemise، بطلت ألبس الcravatte، بقيت أعمل شعري “فرساتشي”.. ورغم أني اتربيت في الenglish school على انضباط المظهر من بداية KG ولمدة ١٠ سنين لكني في سنة واحدة بقيت مقتنع قناعة تامة أن قمة الأناقة هي في المظهر المبهدل، لأن موجة التغيير الفكري اللي كنت فيها كانت من قوتها تقدر تهد مبادئ ١٠٠ سنة مش ١٠ سنين بس.
من التصرفات البسيطة اللي لما بفتكرها بتضايق جداً من نفسي هيا أني لما ماما اعترضت على نزولي المدرسة بالقميص مكرمش قلت لها أني مش مفروض أكوي قميصي لنفسي، رغم أني واخواتي الاتنين متعودين أن بدخول أولى إعدادي كل واحد بيعتمد على نفسه ويكوي هدومه لنفسه. المهم بقت ماما تصحى الصبح بدري تكويلي القميص وتسيبهولي على كرسي المكتب فبقيت ألبسه متغصب ووأنا نازل في الأسانسير أكرمشه بنفسي. ناس كتير ممكن تشوف الموقف دا تصرف غلط بس مش بالبشاعة اللي تخليني لحد النهاردة أتضايق من نفسي، لكني لما بتأمله بلاقي أن خطورة انحرافي الفكري مكنش بس في أني أشوف القميص في المراية جميل ومكوي ومع كدة أكرمشه بنفسي، وإنما في أني مكنش عندي مشكلة أسيب مامتي تصحى الصبح بدري وتتعب في كوي القميص عشان خاطري وأنا بكل سهولة أكرمشه في ثانية.
من التصرفات الغير مسؤولة اللي عملتها في الفترة دي أني في صيف أولى ثانوي وأهلي مسافرين كلمت كل صحابي وقلتلهم أني عامل في البيت حفلة. جه صحابي وصحاب صحابي وعملنا الحفلة وقضينا يومين في البيت مش عارف مين داخل ومين خارج، ولما ماما رجعت اكتشفت أن اتسرق من أوضتها فلوس وخاتم دهب. فضلت أكذب على بابا وماما أن مفيش حد دخل، لحد ما جبت الفلوس والخاتم من صحابي ورجعتهم لأهلي وعرفتهم اللي حصل. طبعاً الموضوع معداش بسهولة ولكن الخناق والخصام والعقاب مغيرش فيا كتير، او غيّر كتير على اعتبار أنه كسر من السور اللي كان بيني وبينهم حجر..
ولكن زي ما موجة من التغيير الفكري ممكن تهد ١٠ سنين تربية برضة ليلة تأمل واحدة قادرة تأسس أصل ثابت تتبني عليه فكرة، ودا اللي حصل بعد الحادثة اللي بسببها بدأت أقاوم تغيراتي الفكرية.
فى يوم من نص تانية ثانوي، في يناير ٢٠٠٣ تحديداً، وأنا وصحابي مروحين من درس الbiology كالعادة معانا كورة بنpassسيها لبعض من فوق العربيات وتحت الأوتوبيسات، فعملت حركة متهورة فعربية خبطتني وأتكسرت رجلي. صحابي خدوني بسرعة على عيادة بابا اللي في الكوربة فجبسني وقالي الحمد لله أن الكسر قدرنا نجبسه لأنه كان ممكن يحتاج عملية كبيرة، هتقعد في السرير أسبوعين لحد ما تعرف تمشي.
خلال الأسبوعين دول كان بابا وماما وأختي وأخويا بيأكلوني ويشربوني ويونسوني بعد ما كان بقالي سنين عايش وسطهم لكن مستقل بنفسي. وكنت لما كلهم يناموا بالليل بفضل صاحي لواحدي، وكنت بطلب من ماما تقفل النور وتسيب الستارة مفتوحة عشان أتفرج عالطيارات وهيا معدية واستنى القمر يمر عليا. ساعتها بدأت لأول مرة من سنين عشتها بجنون أتأمل في حياتي، طبيعي لما الواحد يسهر لواحده في هدوء يبقى أكثر عقلانية. قضيت ليالي كتير أقارن بين نفسي في الماضي والحاضر، ولو فضلت كدة هكون إيه في المستقبل. وبعد انقطاع طويل عن ربنا بقيت لما أسمع أذان الفجر أصلي، وبعد سنين من التقليد الأعمى بدأت تاني أفكر.
أكتر حاجة أثرت فيا هيا أد إيه أنا ضعيف جداً على عكس جو التمرد اللي أنا عايشه، وأد إيه طول عمري معذب بابا وماما معايا حتى بعد ما المفروض كبرت وبقى عندي ١٦ سنة. كنت مذهول أن قبل الموضوع دا بأسبوع بس الcenter اللي باخد فيه درس الbiology اتصلوا بماما يشتكوا أن أنا وصحابي بنلعب بالكورة بعد الدرس وبنعمل مشاكل، ساعتها ماما زعقتلي وقالتلي متلعبش بالكورة وأنت ماشي في الشارع أحسن عربية تخبطك او رجلك تتكسر، طبعاً قلتلها حاضر وطنشطها، لكن بعدها باسبوع بالظبط اللي حذرتني منه حصل. بدأت أفكر في باقي الحاجات اللي ماما بتتخانق معايا عليها وأنا مش مقتنع بيها؛ الكومبيوتر هيبوظ عينيك، الheadphones هتبوظ ودانك، ذاكر عشان تدخل كلية حلوة زي أخواتك.. بقيت أفكر، هل ممكن بعد كل العند دا يطلع كلامها صح وأطلع فعلاً عايش حياتي غلط؟
رجعت أنزل من البيت وبقى أخويا الكبير – اللي كان دايماً أعقل مني بشوية – يوصلني الدروس وبعدها يعدي عليا يروحني. وفي يوم جه ياخدني من درس الbiology فلما ركبت لقيته مشغل قرآن بصوت مشاري راشد. ساعتها مكنتش لسة أعرفه بس عجبني جداً، واستغربت وحسيت كأنه بيقرأ حاجة جديدة عليا.. إحساس أني أول مرة أسمع آية قرآن فأفهمها وتعجبني كان غريب جداً.. هل عشان صوته حلو؟ ولا عشان الsound system جامد؟ ولا لأني بقالي كتير جداً مركزتش مع القرآن؟
بقيت كل ما يعدي عليا ياخدني من درس أطلب منه يشغلي مشاري راشد وأسمعه بتركيز شديد وأنا بتأمل الناس في الشوارع والعربيات، لحد ما في يوم طلبت منه أني أخد الشريط معايا البيت، ففرح جداً واداني ٣ شرايط بدأت بيهم رحلتى مع التدين. حطيتهم في الhi-fi اللي في أوضتي وبقيت أنام وأصحى وأكل وأذاكر وأexercise وأنا بسمعهم. أرتبط بيهم جداً، وبقوا شاغلين كل حياتي، وفضلت شهور كتير كدة لحد ما مع الوقت بقيت حافظهم وبردد معاهم.
وقبل رمضان ٢٠٠٣ بشهور قليلة أخويا جابلي شريط ل”داعية جديد أسمه عمرو خالد”. قالي أسمعه ولو عجبك كلامه أجبلك شريط تاني. شغلت الشريط وكانت المفاجأة أني أول مرة من زمان أسمع حد بيتكلم في الدين بطريقة تتفهم، او بالأصح بطريقة أفهمها، لأني أنا اللي كنت بعيد عن الدين مش الشيوخ. أكتر حاجة عجبتني فيه أن أسلوبه كان سهل ولطيف جداً، فخليت أخويا يجيبلي شريط تاني وتالت لحد ما جابلي سلسلة كاملة، كان عنوانها “الأخلاق”، وفضلت أسمعه ففضل فكري يتغير، وبدأت أقرب لربنا.
لكن للأسف، بسبب التغيرات الفكرية العميقة اللي حصلت لي في المرحلة الشرقية والمرحلة الغربية لقيت أن total شخصيتي بقى “mix” غريب جداً ما بين التدين والإنحراف، لدرجة أن أي حد كان يقابلني سواء متدين او منحرف يستغرب وميبقاش فاهم إيه الدين اللي أنا بمارسه دا.. إسلام ولا حاجة تانية؟ بس لأني كعادتي بحب أكون متميز قررت أفهم الدين لواحدي.. واخترعت مدرسة دين جديدة based على اتباع الهوى؛ اللي شايفه صح أعمله واللي شايفه غلط يبقى حرام. ومع بداية دخولي الجامعة شخصيتي بقت بجد cocktail وبقت حياتي cocktail lifestyle..
يعني مثلاً أول ما أركب العربية أشغل قرآن وبعد شوية أشيله وأشغل coldplay او scorpions، ولما الأذان يأذن أقفل الكاسيت ولما يخلص أشغل oldies وslow rock.. أكون في عيد ميلاد بنت من الجامعة وفي النص أروح أصلي في المسجد، وشوية أكلمهم عن الحلال والحرام، وشوية أكلمهم عن الجديد في حياة الpop stars والcelebrities.. وأسبوع أحضر خطبة الجمعة في المسجد والأسبوع اللي بعده أحضر حفلة رقص غربي في الأوبرا، وأفضل طول فترة الدراسة أسمع قرآن وعمرو خالد ولما الصيف يجيي ألاقي نفسي بروحclubs وbeaches..
لكن رغم أني فصّلت ديني على مزاجي إلا أني كنت مش مبسوط.. ورغم أني كنت دايماً بمثل أني سعيد ومطمئن ومستريح لكنى من جوايا عارف أني مكتئب وأغلب ابتساماتي وضحكاتي تمثيل، لأن الحياة اللي كنت عايشها كانت زي الرقص على السلالم، لا غفلة وتنفيض، ولا هداية والتزام..
فضلت كدة من ٢٠٠٣ لحد بداية ٢٠٠٦، أقعد أقرب لربنا ببطئ طول الشتاء ولما تيجي نص السنة أرجع أبعد، لحد ما الصيف يدخل فأبطل صلاة وأنحرف، ولما رمضان يجي أتوب وأرجع أصلي.. وبعد رمضان أبدأ ألف قي نفس الدايرة، لحد ما بقيت بالنسبة لنفسي لغز عجيب وبقى الناس الملتزمين دينياً اللي معايا في الدفعة مش عارفين، هل أنا مجنون ولا مريض نفسي، هل أنا جاهل ولا منافق ومتبع الهوى؟
لحد ما في يناير ٢٠٠٦ توفى واحد من صحابي بتوع المدرسة في حادثة عربية، كنت بقابله مع باقي صحابنا في نهاية كل يوم خميس في net café بتاع واحد صاحبنا. بسبب الحادثة بدأ صحابي بتوع المدرسة كلهم يتجهوا للتدين، لكن بعد فترة رجعوا تاني لحياتهم القديمة، لكن لأني كنت بالفعل عندى نزعة دينية ساعدتني وفاة صاحبي أني أبقى ملتزم أكتر، ويوم ورا يوم بدأ الcocktail lifestyle يقل في تصرفاتي.
وفي يوم أخويا – اللي كان عرفني علي الشيخ مشاري راشد ود. عمرو خالد – قالي أنه عرف عن داعية إسلامي جديد أسمه “مصطفى حسني” – كان ساعتها الشيخ مصطفى لسة مش مشهور على المستوى الإعلامي – وقالي روح أحضر الدرس بتاعه هيعجبك اوي. ساعتها مكنتش لسة فاهم يعني إيه درس دين، كنت فاكر أن شيخ يتكلم في المسجد بيكون بس الإمام في خطبة الجمعة، لكن مكنتش أعرف عن حلقات القرآن وطلب العلم. المهم رحت في المعاد مسجد يوسف الصحابي يوم الأربعاء بعد العشاء زي ما أخويا قالي، لقيت شاب لابس t-shirt quicksilver وساعة swatch وقاعد بيتكلم وحواليه شباب بتسمعه. أستغربت جداً، هل دا شيخ ولا شاب جامد جداً؟ قعدت معاهم، وكانت أول مرة أحضر درس دين. كانت تجربة جديدة تماماً عليا، وكانت رائعة. عجبني أسلوبه فبقيت أحضر له بس بشكل متقطع.
ساعتها كنت بالفعل بدأت أستخدم الinternet، اللي كنت بتابع عليه أخبار الcelebrities والcinema and music industries، في أني أقرب لربنا بأني أجيب دروس د. عمرو خالد القديمة وأسمعها، او أعمل events أعمال خيرية وحملات إيمانية على فيسبوك مع رمضان كل سنة. ومن كتر ما عجبني الشيخ مصطفى حسني عملت group للfans بتوعه على Facebook، ولأني كنت geek من أوائل أعضاء Facebook في مصر فكان عندي friends كتير فعملت ليهم كلهم invite والجروب كبر بسرعة وبقى من أهم مصادر أخبار الشيخ مصطفى حسني ساعتها، وبقيت على اتصال مع الorganizers بتوع دروسه ومحاضراته.
في سنة ٢٠٠٧ بدأ د. عمرو خالد مبادرة بعنوان: AKYD Forum – Amr Khaled Youth Development Forum، اللي كانت فرصة ليا أني أخيراً أقرب للناس اللي بتحب د. عمرو خالد زيي ويبقالي صحاب شبهي. كان هدف المبادرة أن د. عمرو خالد يرتقي بالمهارات التنموية للشباب المحب للدين فكان كل أسبوع يكلمنا ٢٠ دقيقة عن skill تنموي معين ويدينا عليه task نعمله في شكل منافسة. ولأن المبادرة كانت online على الإنترنت فأنا اهتميت بيها جداً، وفضلت أكسب لحد ما د. عمرو بقى عارفني بالأسم وعمل فيديو شكرني فيه وشجعني، لكن فجأة توقفت المبادرة فانقطعت عن شباب د. عمرو خالد.
ساعتها كان الداعية معز مسعود لسة بادئ يتشهر في مصر وكان ليه مجموعة برامج دينية باللغة الإنجليزية في قناة إقرأ والراديو. سمعت ليه وفوراً أعجبت بيه جداً وبقيت بسمعه طول اليوم تقريباً وأتابع أخباره في كل حتة. كانت النهاية الطبيعية لسماع معز مسعود المكثف هى أني بدأت أميل للتصوف، فبقيت أحضر خطب الجمعة للشيخ أسامة الأزهري مع صاحبي الصوفي في مسجد السلطان حسن، وسعات كنا بنقابل معز هناك نسلم عليه او نقعد معاه ربع ساعة يكلمنا عن الزهد وحب ربنا، وأصبح الثلاثة دول؛ الشيخ أسامة الأزهري، معز مسعود، وصاحبي الصوفي، مثلي الأعلى.
لكن، للأسف، لمراهقتي التصوفية بدأت أنفصل عن الحياة، وبعد خناقات كتير مع أهلي بسبب إهمال المذاكرة وتضييع الوقت في الإسترخاء والتأمل، قررت أسيب الصوفية، فكان القرار، للأسف، هو أني انقطعت عنهم.
ومع بداية إجازة نص السنة سنة ٢٠٠٧ كلمني صاحبي مساعد د. عمرو خالد اللي اتعرفت عليه من AKYD Forum وقالي أن د. عمرو هيعمل حملة outreaching لمدمني المخدرات مع شباب صناع الحياة وأنه عايزني أشارك معاه لأني كنت من الناس المجتهدة في AKYD Forum. قالي أننا هنكون فريق من كذا دولة عربية وهنسافر نقضي ٥ أيام مع المدمنين في rehabilitation center في وادي النطرون أسمه Freedom House، ناخد هناك دورة عن فهم نفسية المدمن وكيفية التعامل معاه وإقناعه أنه يبدأ يتعالج. لقيت أن دي فرصة كويسة أني أصلح السلبية المجتمعية اللي حصلتلي بسبب سوء فهمي للتصوف، فوافقت، وفعلاً سافرنا يوم ٣١ يناير ٢٠٠٨ وقضيت هناك تجربة مدتها ٥ أيام أثرت فيا كأنها ٥ سنين أتعرفت فيها على مدمنين كتير بدأوا برنامج العلاج من الإدمان.
من كلامهم حسيت أنهم من العذاب اللي شافوه في الإدمان عارفين قيمة الحياة السوية أكتر مني. كل واحد فيهم كان ليه ورد دعاء يومي بيدعي فيه ربنا أنه يثبته على تبطيل المخدرات، وكنا لما نصحى لصلاة الفجر نلاقيهم كلهم صاحين بيتوضوا ويصلوا. كانوا مؤدبين جداً في التعامل ومفيش حد فيهم يزعّق او يهين او يسخر من التاني ولو بهزار لأنهم مستشعرين أنهم ضعاف ومحتاجين يساعدوا بعض وإلا هينتكسوا. من برائتهم وصدقهم وبساطتهم حسيتهم أحسن وأقرب لربنا من أي إنسان طبيعي عايش برة المركز، جايز الناس اللي عايشة برة عمرهم ما شربوا مخدرات لكن للأسف أغلبهم مغيّبين عن حقيقة الحياة ومعاني الحب والصفاء اللي شفتها. ودعنا بعض آخر يوم بالدموع والأحضان وهما بيحملونا المسؤولية نوصل صوتهم للمجتمع ونقابل أصحابهم القدام اللي ممنوعين يقابلوهم. مشيت وأنا زعلان أني سايبهم وراجع للبشر العاديين، وهما في المركز بيدعوا للحملة ومتشوقين يشوفوها لما تبدأ في التلفزيون. وفعلاً نجحت حملة حماية نجاح باهر وخلصت بنتايج أضعاف أهدافها، وخرجت منها بأصدقاء كتير؛ مدمنين متعافين وشباب د. عمرو خالد وشباب صناع الحياة. بعدها سبت العمل التطوعي ورجعت تاني للإيمانيات.
ساعتها كان بيتذاع على قناة إقرأ الجزء الأول من برنامج “خدعوك فقالوا” بتاع الشيخ مصطفى حسني. البرنامج كان هدفه تغيير بعض الأفكار والمفاهيم الغلط اللي أتربينا عليها في العرف، واللي كانت من أهم الأسباب اللي خلتني أكره الثقافة الشرقية في أيام المراهقة. لاقى البرنامج قبول واسع عندي وبدأت أحس بالفروق الجوهرية بين أن الواحد يعيش اتباعاً لمبادئ وأفكار ومعتقدات الناس بغض النظر هيا صح او غلط وبين أن الواحد يعيش اتباعاً لقال الله وقال الرسول بغض النظر صفوة او أغلبية المجتمع شايفين إيه. أُعجبت بالبرنامج جداً وبقيت بستناه أسمعه كل أسبوع، ولأن الشيخ مصطفى كان بدأ يتشهر جداً، ولأني كنت صاحب أكبر جروب Facebook عنه، كلمني الشباب اللي بيساعدوه وطلبوا مني أنضم لفريق عمل الsocial media الخاص بيه، فوافقت طبعاً وحضرت أول إجتماع مع الشيخ مصطفى في استوديو تصوير قناة اقرأ بتاع الART. كان دوري في الفريق حاجتين؛ أمسك صفحة الFacebook بتاعة الشيخ وأمسك قسم المقالات في الموقع، وأتفقنا أننا نبدأ تحضير على أن الموقع الجديد والصفحة الرسمية على أنهم هيطلعوا في بداية السنة الهجرية.
لكن للأسف، في نص برنامج خدعوك فقالوا، في منتصف ٢٠٠٨ تحديداً، عمل الشيخ مصطفى حلقات عن “المعازف” و “البدع”، فحصل بسببها مشادات إعلامية بينه وبين الشيخ أبو إسحاق الحويني، ولما بدأت أقرأ وأبحث في المسألتين بتوسع انفتحت عينيا على حاجات كتير جداً قررت بسببها أسيب فريق الشيخ مصطفى حسني وأنقطع عنه، وأخدت أكبر منعطف في حياتي.. الإتجاه للسلفية.
قطعت علاقتي بكل أصحابي ومعارفي، وحتى بعض أقاربي. زادت انطوائيتي أكتر وأكتر، ودلوقتي عدت حوالي ١٠ سنين وأنا في عالم السلفية لواحدي. فهل السلفية كانت فعلاً المنهج الإسلامي الصحيح اللي بعد رحلة بحث طويلة اكتشفته، ولا كانت نزوة انطوائية جديدة؟
مش عارف.. بس محتاج أعرف. وعشان أعرف، محتاج أرجع للبداية..
“Running in circles, coming up tails,
Heads on a science apart.
Nobody said it was easy.
It’s such a shame for us to part.
Nobody said it was easy.
No one ever said it would be this hard.
O, take me back to the start.”
- Coldplay, The Scientist
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.