الفصل رقم ١٥: In a while, maybe you’ll remember
الفصل رقم ١٥: In a while, maybe you'll remember
الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠١٣ – الساعة ١:٢٠ ليلاً
خلصت طريق العلمين، وصلت مارينا. بصيت على أسوار مارينا، جالي احساس بالخوف ممزوج بالشجن. افتكرت أول مرة جيت مارينا.. ياه، فاتت ١٤ سنة .. عمري ضاع هنا..
لفيت الu-turn اللي على الطريق الساحلي ودخلت على بوابة ٤.
مدير البوابة: السلام عليكم
أنا: وعليكم السلام
مدير البوابة: ممكن أشوف الpass يا أفندم؟
أنا: أكيد، اتفضل
مدير البوابة (مبتسماً): تمام، حمد الله على السلامة يا أفندم، نورتنا
شاور المدير لعامل الأمن فرفع الحواجز، ورفع معاها الغطاء عن ذكرياتي في مارينا..
دخلت من البوابة. أول حاجة بصيت عليها هيا العواميد اللي عليها اللوحات الإعلانية اللي قدام Princess Café.. لقيتها فاضية. لسة الصيف مبدأش ومفيش مُعلنين.
بصيت على Princess Café لقيت ناس قليلة اوي قاعدة.
بصيت تاني على اللوحات الإعلانية الفاضية..
Flashback – صيف ٢٠٠٩
الصيف دا أول صيف ليا من ساعة ما اتخرجت من كلية طب الأسنان، وبرضه دا أول صيف ليا من ساعة ما التزمت دينياً من حوالي ٥ شهور تقريباً. باقي أسبوعين بس على رمضان، وشعبان شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله. بالنسبالي مارينا هو مكان فتن مش مناسب خالص للفترة المهمة دي، لكني جيت بس عشان بابا وماما ميزعلوش. النهاردة أنا خارج معاهم ناكل في Carino’s اللي ف Porto. وبما أني recently بقيت “ملتحي” فأنا لأول مرة أexperience التمييز العنصري اللي بيعيشه الملتحين في الأماكن اللي زي مارينا*. من ساعة ما جيت الصيف ده وأنا أي مكان أروحه ألاقي الناس بتبص عليا بfaces غريبة ما بين الاستعجابية والاستنكارية، وكان في ناس بتشاور عليا وتضحك، بس أنا كنت بكتفي بأني أsmile لهم.
ورغم أن في ناس كتير ممكن تبص على أن اللحية حاجة سطحية ومش بالأهمية اللي تخليني أتمسك بيها اوي كدة رغم المضايقات اللي بشوفها إلا أن اللحية بالنسبالي مش مجرد سُنة زي أي سنة في الإسلام، لكنها – وبالنسبة لأغلب المتدينين الملتحين السلفيين – رمز لأني قررت ألتزم دينياً وأمشي في الطريق الصح بكل ما فيه من أوامر ربنا والنبي صلى الله عليه وسلم. اللحية هي اللي بتفكرني كل يوم الصبح وأنا ببص في المراية أني بيني وبين ربنا عهد ولازم ألتزم بيه طول يومي، هيا اللي بتحسسني أني سفير للإسلام قدام كل الناس اللي بقابلهم، فالفكرة أني لو حلقت دقني مش هبقى بس خالفت أمر النبي صلى الله عليه وسلم “أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى”، وإنما هبقى كأني لغيت قراري وعهدي مع ربنا بيني وبين نفسي بأني أمشي في الطريق الصح، زي راية الحرب كدة، لو وقعت، الجيش معنوياته بتضعف وبينهزم.
طبعاً الضغط المجتمعي اللي شايفه في مارينا الصيف دا بسبب طول دقني مش جديد عليا، رغم أنه مكثف اوي عن اللي كنت بشوفه في القاهرة الخمس شهور اللي فاتت من بداية إطلاقي اللحية.. مثلاً ناس من صحابي بتوع الكلية متراهنين عليا إذا هكمل باللحية ولا لأ. في الأول اتراهنوا أن اللي أنا فيه دا مجرد نزوة وعايز ألفت الأنتباه وأني هحلق دقني لما يجي الprom وأروح بnew look. لكن الحمد لله ربنا ثبتني وعدى الprom. دلوقتي لما الصيف دخل متراهنين على أني مش هستحمل أقضي الصيف من غير ما أقضيها في مارينا وهحلق دقني وأسيب الدين زي ما بعمل مع دخول الصيف كل سنة. معاهم حق أني كل سنة بعمل كدة، لكن السنادي أنا غير كل سنة، السنادي أنا بقيت “سلفي”..
عامة في الحياة في ناس فاضية وبتحب الكلام، الفاضي بيعمل قاضي وفي غيره يلوم، أكيد لو كملت بعد رمضان هيفضلوا يتراهنوا عليا في حاجة تانية. أنا شايف أني أبعد عنهم لحد ما الأيام تعدي وينسوني خالص..
الفكرة أن رغم أنهم منقسمين على إذا أنا هقدر أكمل في الإلتزام ولا مش هقدر إلا أن كلهم متفقين على أني “بقيت متشدد”. زمان قبل ما ألتزم بجد وكنت “easy-going” في الدين كانوا بيحترموا أرائي الفقهية جداً وبعضهم كان بيرجعولي في حاجات كتير في الدين، طيب اشمعنى دلوقتي بقيت متشدد؟ يعني لما أقولهم أنتم حلوين وكويسين أبقى معتدل ولما أقولهم أني كنت غلطان ودورت في الدين لقيت كذا وكذا طلع حرام أبقى متشدد؟ نفسي أفهم ليه كدة.. للأسف نادراً لما تلاقى حد عنده تجرد. ومع كدة لما بتناقش معاهم ب”قال الله وقال الرسول” بلاقيهم مش عارفين لا آيات ولا أحاديث ورغم كدة رافضين رأيي..
وبعيداً عن الحلال والحرام، بعضهم لما كنت معاهم كنت حبيبهم ودلوقتى بقوا مش طايقين يشوفونى.. مثلاً واحد منهم من اللي كان بيقولي هرشحك تبقى الking فى الprom لقيته بين يوم وليلة بقى يكشر في وشى وميسلمش عليا، دا غير اللي بيسخروا منى من ورايا وقدامى. أنا حاسس أنهم بمجرد ما حسوا أنى هعرّض شهواتهم للخطر قرروا ينفوا اى صفة طيبة عنى ويمحوا اى ذكرى كويسة كانت بينى وبينهم. وبعدين يقولوا السلفيين منعزلين عن المجتمع، وهو مين اللى عزلهم؟
بس مشكلتي دلوقتي مش في معارفي في القاهرة وإنما في معارفي في مارينا.. كل شوية حد من صحابي بتوع مارينا يكلمني ويقولي عايز أشوفك، وأنا طبعاً مش عايز أقابل حد فيهم عشان معملش معاصي، فمبقتش أرد عليهم. أصل أرد أقولهم إيه؟ انتوا عيشتكوا حرام؟ لقيت بنت منهم كلمتنى من رقم غريب وبتقولى تعالى نتقابل، معرفتش أقولها إيه.. قفلت الخط. أكيد زعلت، بس إيه الحل؟ أنا ممكن أتحاور معاها ب”قال الله وقال الرسول” بس أكيد هيا هتقول عليا أتجننت او بالكتير زى ما كل الناس عملت معايا هترد عليا بمقولة ”الدين يسر” او “ربنا غفور رحيم” او “رمضان خلاص جى وهنتوب”.. فأنا مقفلتش الخط عليها عشان أهرب من النقاش وإنما عشان عارف أن النقاش مش هيكون بالعقل وإنما بالإغراء، وأنا مضمنش نفسى أضعف، فاضطريت أقفل الخط، ودعيت لها ربنا يهديها ويصلح حالها.
أما الشيطان نفسه فسايب المارينياوية كلهم ومركز معايا ليل نهار يوسوس ليا أنى أحلق دقني وأكلم الناس كلها وأقضى الكام weekend اللى فاضلين في الصيف قبل رمضان ولما رمضان يدخل أرجع للدين تانى. بيقولي أن دقني بتطول بسرعة مفرقتش أسبوعين.. لكني قلت له دي مسألة مبدأ، مستحيل أحلق دقني.
وأنا راكب جنب أخويا فى العربية راجعين من porto وبفكر في همومى دى كلها جينا عند مطب لقيت واحد لابس t-shirt مكتوب عليها Lord وبيوزع عليا freebies مكن وgel حلاقة.. أستغربت جداً.. Lord؟ ومكنة حلاقة؟ هل دى sign من ربنا أنى أحلق دقنى؟ طبعاً الموقف على أد ما ضايقني على قد ما كان sarcastic.
زادت همومى أكتر، كل حاجة حوليا بتضغط عليا عشان أحلق لحيتى وأسيب الألتزام، أعمل إيه بس يا رب؟ أحلقها وخلاص ولا إيه؟ ما أنت يا رب بتقول “لا يكلف الله نفس إلا وسعها”..
وأنا حيران وبفكر في الموضوع دا شفت حاجة عجيبة تكاد تكون أقرب للمعجزة شالت عني كل همومي وحسستني أن ربنا حاسس بيا اوي. شفت الlighted ad boxes اللي قدام Princess Café منورة ولونها أصفر زي لون أي caution في حياتنا ومكتوب عليها:
“Remember Allah”
“You Might Meet Him Now”
“He’s Always Watching”
“His Door is Always Open”
ياه.. إعلانات عن ربنا في مارينا؟
حد عامل حملة دعوية في مارينا بمناسبة أن رمضان قرب.
يا ترى مين اللي عاملها؟
مكنتش مصدق نفىسي.. فرحت أوي وفضلت باصص عليها مش عارف أشيل عيني.. دي مش مجرد sign إعلانية، دي sign من ربنا بجد.. هيا دي الsigns اللي ليل نهار ربنا بيبعتهالنا وإحنا بنطنشها.. أد إيه ربنا شايفنا وحاسس بينا، وأد إيه بيبعت لنا ناس تحاول تساعدنا في أي مكان بنروحه.
معنوياتي ارتفعت وقلت لنفسي: ما دمت أنا كدا كدا قاعد غصب عني مع أهلي في مارينا لحد الweekend الجاي فليه معملش “جولات دعوية” في مارينا؟ مانا وصحابي كنا بنعمل street dawah في الرحاب، ليه معملش beach dawah هنا في مارينا؟ بدأت أدرس الموضوع وأخططله مع نفسي؛ الصبح على الbeach الناس بتبقى مهيبرة ومحدش مركز، كل واحد بيكون عايش في الamerican dream بتاعه. أنا عايز وقت يكون الشباب ذهنهم فيه صافي ومستعدين يعيدوا التفكير في مسار حياتهم.. أفضل وقت هو بعد الفجر بيكون أغلب الناس شبعت هيبرة طول اليوم وبتmeditate عالبحر.
طلعت الموبايل وكلمت صاحبى السلفى أطلب منه يبعتلي مطويات دينية – prints – عشان أنزل أوزعها عالشباب في مارينا.
صاحبى السلفى: السلام عليكم
أنا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أزيك يا أحمد
صاحبى السلفى: عمور، أزيك.. عامل إيه؟ إيه أخبارك؟
أنا: الحمد لله بخير والله.. كله تمام
صاحبى السلفى: ومارينا عاملة إيه مبسوط؟
أنا: يعنى، الحمد لله، مش قوى.. أنت عارف الدنيا هنا مختلفة شوية
صاحبى السلفى: ربنا يكرمك يا حبيبى، حاول تغير جو كدة وخلى بالك من نفسك
أنا: الله المستعان.. بقولك بفكر أجيب مطويات دعوية وأوزعها هنا، إيه رأيك؟
صاحبى السلفى: والله فكرة جميلة طبعاً بس اختار مكان مناسب
أنا: أنا بفكر أنزل للشباب على البحر بعد الفجر بيكونوا هاديين وممكن يتقبلوا بسهولة
صاحبى السلفى: أوك حلو اوى، بجد ربنا معاك
أنا: تفتكر هيتأثروا؟
صاحبي السلفي: طبعاً، الناس فيها خير كتير، مفيش حد مبيتأثرش بكلام جميل عن ربنا
أنا: اوك يا أحمد، عندك مطويات دلوقتي؟ Esso إبن صاحب بابا جاي مارينا بكرة الصبح، ممكن يجيبهم معاه لو أديتهمله النهاردة
صاحبي السلفي: أنا معييش مطويات خالص الحقيقة، خالص خلصت كل اللي معايا في جولة النهاردة. ممكن تكلم سليم، بيكون معاه كمية في العربية.
أنا: طيب، خلاص، ممتاز هكلمه.
صاحبي السلفي: خلاص جميل
أنا: طيب، السلام عليكم
صاحبى السلفى: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قفلت مع صاحبي السلفي وكلمت سليم السلفى برضه:
سليم: السلام عليكم
أنا: وعليكم السلام، أزيك يا سليم
سليم: الحمد لله، أزيك يا عمرو، عامل إيه؟
أنا: الحمد لله، كله تمام. بقولك، صاحبي هيعدى عليك بعد شوية تديه مطويات.
سليم: يا عم أنا داخل أنام
أنا: لا معلش مش هينفع، لازم دلوقتى عشان هو مسافر جاى مارينا بكرة الصبح عايزه يجيبهوملي وهو جاي
سليم: هو أنت في مارينا؟ وعايز مطويات؟ انت بتقول إيه يابنى..
أنا: يا عم اسمع بس، هخليه يعدى عليك تحت البيت تديهاله
سليم: انت عايزها ليه؟
أنا: هنوزعها عالشباب هنا
سليم: توزع مطويات على الناس في مارينا؟ هيا الناس دى فايقة اصلاً
أنا: يا عم ملكش دعوة، فايقين بإذن الله بس محتاجين اللي يكلمهم، وبعدين أنت عارف أن حتة يقرؤوا او ميقرؤش دى بتاعت ربنا مش بتاعتنا، إحنا علينا نذكرهم بس
سليم: طب انت عايز ايه؟
أنا: إبن صاحب بابا هيتصل بيك ويعدي عليك تحت البيت، عايزك تديله تشكيلة مطويات مختلفة، حاجات عن الجنة والصلاة وأذكار الصباح والمساء..
سليم: طب يا عمرو خليه يتصل
أنا: اوك. حبيبى، السلام عليكم
سليم: وعليكم السلام
قفلت معاه وأتصلت بEsso إبن صاحب بابا أديته عنوان سليم ورقم موبايله.. وقعدت أدعى أننا نكون سبب فى أن شخص واحد بس حياته تتغير للأحسن..
Flashforward ليا في ٢٠١٣ وأنا في العربية معدي من قدام Princess Cafe بفتكر اليوم دا من صيف ٢٠٠٩..
ذكريات جميلة فعلاً. دا كان أنا في بداية أيامي في السلفية، كانت أيام حلوة أوي.. ساعتها كنت حريص جداً على هداية الناس اللي كنت زمان زيهم، لكن للأسف الثورة غيرتني وبقيت زي Anton Ego بانتقدهم نقد لاذع يضرهم أكثر ما ينفعهم، وبقيت زي نموذج صاحبي السلفي السيء اللي شايف أن الشباب اللي في مارينا مفهومش فايدة ومش مستاهلين أني أبذل مجهود عشان أذكرهم بربنا.. وصحيح أنا دلوقتي أدمن أكبر صفحة إسلامية على فيسبوك وبنشر لملايين اللي أنا عايزه، بس فين القيمة؟ كل كلامي نقد لاذع غير بناء وسب استهزاء بالأخر.. عايز أرجع تاني عمرو بتاع زمان اللي كان قلبه على باقي الشباب، مش عمرو اللي عامل وصي على الشباب وعايز يدخل الجنة لواحده..
لقيت شخصياتي الثائرة الغاضبة بدأت تهدأ ويرجعلها الأمل؛ الصوفي والليبرالي؛ الأمريكي والفرنسي، روكي وشيكسبير وسيمبا، حتى Stifler. كلهم بيشجعوني أرجع عمرو اللي بيحب الخير للناس زي الأول، عشان الثورة تقف ومع بعض نكمل.. وأنا إن شاء الله هعمل كدة، بل هرجع أحب الخير للناس أكتر من الأول..
“حلوة البدايات..
عمرنا أبداً ما بننساها
بترسم ملامحنا وبتعلم دايماً جوانا
الحكايات اللي بنعيشها وبنحكيها
المحسوب من العمر الأيام اللي فرحنا فيها..
سعات السعات بتجري، وسعات مبتعديش
سعات بنعيش من تاني في ذكرى مبتتنسيش
صعب الأيام تتعد لو عشنا بحرية
لما تكون القيمة أكتر من الكمية..
الحب فينا..
والأمل في عنينا..
شايفين بكرة جديد،
وسوا هنكمل
دنيا بتنادينا..
وهنسمع ليها..
بتقول أفتح قلبك أكتر من الأول..”
— كايروكي، أفتح قلبك أكتر من الأول – كوكاكولا
* الأحداث دي بتدور في سنة ٢٠٠٩، قبل ما الدقن ما تبقى موضة ب٥ سنين تقريباً، لكن دلوقتي الدنيا أحسن كتير.
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.