الفصل رقم ٢٢: خواطر من سورة الفاتحة
الفصل رقم ٢٢: خواطر من سورة الفاتحة
الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠١٣ – الساعة ٢:١٥ ص
مارينا، شاطئ السيارات
“الروح تسري والملائكُ حولنا طاب المساء
والقلب يَسبح فى بحار الشوق يحمله الرجاء
فاسأل دموع العين عن سرِّ البكاء
وعن الأماني والمعاني عن معنى الوفاء”
فرشت المصلية بهدوء. طلعت محفظتي الأمريكية ومفاتيح عربيتي الألمانية وحطيتها في حذائي الأسباني.
وقفت على المصلية. ضوء القمر المكتمل يضيئ مكان سجودي والنجوم تزين السماء من حولي.
رفعت إيدي جنب كتفي وقلت: الله أكبر
بدأت بدعاء استفتاح قيام الليل كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد، قال:
“اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق، والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد – صلى الله عليه وسلم – حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله.”
البخاري كتاب الجمعة برقم ١٠٥٣
بدأت أقرأ سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم
– الحمد لله رب العالمين
الحمد في اللغة العربية معناه الثناء والشكر مع الحب، فكلمة “الحمد لله” بتفكرنا بالأصل اللي بتتبني عليه علاقة المسلم بربنا، الحب. أما “رب العالمين” فبتفكرنا بأن الله هو رب جميع المخلوقات؛ بمعنى أنه الخالق المالك لكل شيء في الكون والمدبر لجميع الأمور والمنزل لجميع النعم والحافظ من كل سوء وعشان كدة واجب على كل المخلوقات أنها تحبه وتنفذ أوامره.
– الرحمن الرحيم
الله هو “الرحمن” لأن رحماته بتنزل لمخلوقاته في كل وقت، ولكن حتى إذا ربنا خرّج مخلوق من رحمته بسبب كفره فهو برضه ما يزال “الرحيم” في ذاته وإن لم يرحم هذا المخلوق. “الرحمن الرحيم” بتزود في قلبنا الرجاء في رحمة ربنا في الدنيا وفي الآخرة. قال تعالى: .. إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ – الأعراف/٥٦، وقال: .. وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ – الأعراف/١٥٦
– ملك/مالك يوم الدين
صحيح أن في ملوك وملاك كتير في الدنيا، لكن ربنا هو ملك ومالك يوم القيامة الوحيد.
وفي القرآن بنلاقي أن أسماء يوم القيامة كتير، لكن ربنا أختار “يوم الدين” ليكون الاسم الذي في سورة الفاتحة، فدا دليل على عظمة الاسم دا. اسم “يوم الدين” بيفكرني أن معاصينا كأنها ديون علينا وبأن يوم القيامة هيكون معاد ردها، ودا بيولد جوانا خوف من عذاب ربنا يوازن الرجاء اللي جالنا من “الرحمن الرحيم” عشان يبقى في توازن بين أحاسيسنا تجاه ربنا.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سَلِم الرأس والجناحان فالطائر جيِّد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر.
يعني المسلم بقلبه زي الطائر، العصفورة. وعشان المسلم يدخل الجنة في الآخرة لازم يطير في الدنيا باتجاه ربنا. حب ربنا هو الرأس وبنتوجه بيه للغاية اللي عايزين نوصلها، والخوف والرجاء هما جنحاتنا، بنرفرف بيهم بتوازن عشان نوصل لربنا وجنته.
لو حُب ربنا خرج من قلبي أبقي كأني فقدت رأسي، يعني أبقى من غير عيون أشوف بيها الصراط المستقيم، ولا ودان أسمع بيها نداء القرآن على باب الجنة، ولا فم أطلب المساعدة، ولا حتى عقل أفهم بيه إيه اللي بيحصل في حياتي. إذا خلص حب ربنا من قلبي علاقتي بيه تنتهي وأفقد الوعي وفوراً أسقط من السماء إلى الأرض..
ولو جناح الرجاء عندي مال أكتر من جناح الخوف هتقل عظمة ربنا في قلبي وهميل ناحية التساهل في الدين والاستهانة بأوامر ونواهي ربنا، ودا هيخليني أعصيه بسبب أني مبقتش بخاف منه ولا عامل له – سبحانه وتعالى – حساب. وبرضه لو جناح الخوف مال أكتر من جناح الرجاء هميل ناحية اليأس وفقدان الأمل في رحمة ربنا ودا برضه هيخليني أعصيه من شدة الإحباط واليأس من دخول الجنة.
عشان كدة لازم نحافظ على التوازن بين رجاء رحمة ربنا والخوف من عذاب ربنا بأننا نتعلم كتير عن الجنة والنار وقصص القرى التي آمنت والقرى اللي كفرت في القرآن. وطبعاً الأهم من كدة أننا لازم نحافظ على علاقة الحب بينا وبين ربنا باستشعار نعمه ورحماته المتتالية في حياتنا اليومية، عشان مفيش أي فايدة من جناحات العصفورة من غير راسها اللي بتبص بيها ناحية هدفها وغايتها، اللي هو رضا ربنا ودخول الجنة والنجاة من النار.
لكن حتى لو قلبي مات بسبب بعدي زمان عن ربنا فلسة في أمل، ربنا بيقول: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
يا رب أحيي قلبي تاني بحبك ومتحرمنيش منه أبداً
– إياك نعبد وإياك نستعين ، أهدنا الصراط المستقيم
وجت الآية دي بصيغة الجمع مش المفرد لأن المسلمين المفروض دايماً يكونوا إيد واحدة وكل واحد قلبه على التاني ويساعدوا بعض أنهم يقربوا لربنا، زي كدة العصافير ماهي بتطير مع بعضها في سرب عشان تبقى أقوى وشكلها في السماء أجمل، وحتى لو واحد بيصلي لواحده في مكان فاضي بعيد عن باقي المسلمين برضه لازم يقول الفاتحة بصيغة الجمع من شدة حبه لأخواته المسلمين وتعلقه بيهم حتى لو هما بعيد عنه.
– اهدنا الصراط المستقيم
سورة الفاتحة كلها هى عبارة عن دعاء؛ بتبدأ بحمد ربنا والثناء عليه وتعظيمه وفي النهاية بنقول الدعاء: “أهدنا الصراط المستقيم”. الدعاء دا هو أهم دعاء في الإسلام، عشان كدة ربنا فرض علينا أننا نكرره ١٧ مرة يومياً؛ مرة في كل ركعة من كل صلاة من الخمس صلوات المفروضة.
– صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
بما أن الطريق الصح، الصراط المستقيم، بيوصل لربنا والجنة، فمحدش بيخرج منه إلا بشيء من الأتنين: الجهل او الكبر.
ممكن جداً الواحد يكون فعلاً نفسه يقرب لربنا ويدخل الجنة بس بسبب جهله يمشي في طريق غلط تاني خالص، هما دول اللي ربنا سماهم “الضالين”، الضالين عن الصراط المستقيم. بس لو الناس دي عندها حب حقيقي صادق لربنا، مش منافقين بيمثلوا حب ربنا على الناس وعلى نفسهم، فرأس العصفورة، حب ربنا اللي في قلبهم، هتساعدهم يشوفوا علامات الطريق بعنيهم ويسمعوا نداء ربنا وأنبياءه وقرآنه بودانهم ويطلبوا من ربنا الهداية للحق فيهديهم ويعرفهم ويوضح لهم تاني الصراط المستقيم، وساعتها لو هما فعلا كويسين هيتحركوا ناحيته، بس لو هما من النوع التاني اللي عنده “كبر”، هيطنشوه، وبعد ما كانوا “ضالين” هيبقوا “مغضوب عليهم”.. يا رب عرفنا ووضح لناالصراط المستقيم ومتبعدناش عنه أبداً فنتوه ونضيع..
وبرضه ممكن جداً الواحد يكون عارف الصراط المستقيم كويس اوي وشايفه بكل وضوح بس عنده كبر وغرور وإستعلاء فرافض يمشي على الصراط ورافض يكون عبد لربنا. من كبره بيقارن نفسه بربنا وبيعتبر أنه من حقه يمشي برة الطريق اللي ربنا قال عليه.. دول اللي ربنا سماهم “المغضوب عليهم”، مفيش وصف ليهم أحسن من كدة، يا رب متخلينيش منهم أبداً.
“I believe I can fly
I believe I can touch the sky
I think about it every night and day
Spread my wings and fly away
See, I was on the verge of breaking down
Sometimes silence can seem so loud
There are miracles in life I must achieve
But first I know it starts inside of me”
— R. Kelly, I Believe I Can Fly
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.