الفصل رقم ٣٠: Another Brick In The Wall – ١/٢
الفصل رقم ٣٠: Another Brick In The Wall - ١/٢
Flashback – صيف ٢٠٠٣
مارينا، الشانزليزيه، Platform Autocross
الصيف دا هو اجازة تانية ثانوي، وأول صيف يتعمل فيه autocross في مارينا. أنا وأخويا وEsso إبن صاحب بابا جايين مع بعض نتفرج. معتز أخو Esso الكبير أكد علينا نيجي بدري عشان صحابه اللي نازلين أوتوكروس بعربياتهم يتحمسوا أن في ناس كتير جاية تشجعهم.
من زحمة العربيات ركنا قبل المسرح الروماني ونزلنا اتمشينا لحد الplatform. لسة ساعة على بداية اللعب ومع كدة الدنيا زحمة جداً. الdj والعربيات بيسخنوا وبيتدربوا عالtrackـات، والشباب والبنات بيsocializeوا ويوزعوا ابتسامات، everybody looks excited، دي أجمد event في مارينا من زمان.
Esso (بيتكلم في الموبايل): أيوا يا معتز أنت فين؟ انهي مطلع؟ اه شايفه، طيب ok هنطلعلك، سلام.
أخويا: قالك فين؟
Esso: قاعد مع صحابه آخر المطلع جنب المدرجات.
طلعنا المطلع لقينا معتز قاعد مع صحابه على chrysler sebring convertible لونها silver.
أخويا نده معتز يعرفه أننا وصلنا.
أخويا: ساعة بدري اهو، عشان خاطرك بس اي خدمة، إحنا هنطلع نقعد فوق.
معتز: سيبلي عمرو طيب، عايزه، هعرفه على صحابي.
محمد أخويا، اللي أكبر مني بسنتين وأكبر من Esso بسنة، عاش أغلب مراهقته مؤدب ومحترم ومتفوق. بيصلي، بيسمع كلام بابا وماما، ومبيعرفش بنات في غير حدود الدراسة. هوايات طفولته كانت قراءة قصص مصرية للجيب ولعب الشطرنج، والvideo game المفضلة عنده كانت FiFA وcommandos. زمان كان مغنيينه المفضلين عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية؛ لكن لما كبر بطل يسمع أغاني وبقت قراءاته المفضلة هي كتب الشيخ الشعراوي ومصطفى محمود وكتابات عبد الوهاب مطاوع الاجتماعية. شبيه جداً ببابا، شخصية كلاسيكية وقريبة جداً من الفطرة الإسلامية، ومثالية بالمعايير الشرقية.
على النقيد تماماً كان معتز إبن صاحب بابا. وهو صغير كان لعب الbowling والبلياردو وwinning eleven هيا هواياته المفضلة، ولما كبر بقى مقضيها خروج وعربيات. سعات ألاقيه بيسمع western وسعات ألاقيه بيسمع عربي، المهم يسمع أجدد حاجة نازلة. الصيف دا لما بركب معاه العربية بيشغل أغاني لمغني جديد أسمه محمد حماقي، بيقولي أنه صاحبه. أما كمظهر فهو دايماً في أجدد look كجسم وشعر وoutfit وlifestyle. بشكل عام شخصية حداثية، صحيح مش متوافقة مع المعايير الشرقية، لكن في نظر حد دائم التطلع زيي شخصيته في قمة الجاذبية..
ومن طفولتي ولنهاية خامسة ابتدائي كنت عايش داخل حدود دائرة الكلاسيكية السوية اللي بابا رسمهالي بتربيته ليا، او بالأصح على حدودها، لأني كنت دايماً أكتر واحد متحرر في اخواتي. لكن مع بداية مرحلة المراهقة ودخولي المرحلة الإعدادية بدأت أتطلع لما وراء الدائرة الكلاسيكية، وفي صيف تانية إعدادي، تاني صيف ليا في مارينا، شفت في حياة معتز وصحابه حياة الحرية، وبقى مثل أعلى ليا.
قررت أتحرر وأتغير، مش من الإسلام، بالعكس، الإسلام كان طول عمره في فكري حاجة مقدسة حتى من وأنا طفل، وإنما قررت أتحرر من القيود الثقافية الشرقية اللي مفروضة عليا وملهاش علاقة بالإسلام، او أنا فاكر كدة.
لأني كتير من المبادئ اللي أتربيت عليها كانت based على “غلط” و “عيب” مش “حرام” و “مكروه”، فأنا مقدرتش أميز بين القيود الشرقية والقيود الإسلامية، ولا بين العرف والدين، فاترتب على كدة أني عشان أرضي تطلعاتي بقيت عايز أعيش حر من أي قيود تحددني، بليبرالية، حتى قبل ما أعرف أسمها..
ظهرت تحولاتي الفكرية في القراءات والأغاني والأفلام اللي بهتم بيها، بدأت ببُعدي عن الأصالة واتجاهي للحداثة ومنها انتقلت للثقافة الغربية. ومع ولعي بمادة الpoetry اللي بدأت أدرسها في السنة الأولى من المرحلة الإعدادية ومجلات Archie & Jughead اللي الpen pal بتاعي بيبعتهالي من ولاية جورج-تاون الكندية بقيت معتز جداً باللغة الأنجليزية وكاره جداً للغة العربية، وبقيت لما أكون مع أهلى في العربية وبابا يشغل إذاعة الأغاني المصرية أحط الheadphones في ودانى أسمع أي حاجة أجنبية، ولو رايحين فيلم عربى في الcinema أكون مخنوق وأدخل أنام في التكييف او ألعب في الموبايل، ولما يجيى معاد مهرجان الأوبرا للثقافة العربية أروح مع أهلي بالعافية وفي الأستراحة أسيب بابا يشتري الشاي لواحده وأنزل أتفرج على معرض الفنون الإيطالية، وبعد ما كنت بزن على ماما عشان أحضر معاهم حفلات محمد الحلو وأمال ماهر وفرقة يحيى خليل الموسيقية بقيت أرفض أروح عشان أحضر حفلات الviolen والpiano والflamenco ومسرحيات shakespeare الكوميدية والتراجيدية.. وفضلت شهر بعد شهر وسنة ورا سنة أبعد عن أهلي وفكرهم وحياتهم أكتر، ومع دخول سنة ٢٠٠٢ بقيت مراهق متأمرك متمرد في السنة الأولى من المرحلة الثانوية.
من بداية أولى ثانوى ولحد منتصف تانية ثانوى كانت حياتي كلها تمرد وجنون ومشاكل مع أهلى؛ إهمال في المذاكرة وتزويغ من المدرسة، استدعاءات ولي أمر وسوء الأدب في الكلام، خروج كل يوم وسهر برة البيت.. حاجات عمر ما بابا وماما شفوها من أخويا او أختي الكبار، والمشكلة أني كنت يوم ورا يوم بتغير للأسوأ.
بقيت أتعمد إظهار البهدلة في مظهري خصوصاً وأنا رايح المدرسة، ظناً مني أن البهدلة look أجدد وأفضل، دا اللي كان ظاهر ليا من الamerican music & movie industry، في حين كان الدافع الحقيقي اللي في عقلي الباطن هو التمرد على الفطرة.
بطلت أكوي القميص، بطلت ألبس الcravatte، بقيت أعمل شعري “فرساتشي”، واربط رباط الجزمة نص ربطة.. ورغم أني اتربيت في الenglish school على انضباط المظهر من بداية KG ولمدة ١٠ سنين لكني في سنة واحدة بقيت مقتنع تماماً أن قمة الأناقة في المظهر المبهدل، لأن موجة التغيير الفكري اللي كنت فيها كانت من قوتها تقدر تهد مبادئ ١٠٠ سنة.
من التصرفات البسيطة اللي لما بفتكرها بتضايق جداً هيا أني لما ماما أعترضت على نزولي المدرسة بالقميص مكرمش قلت لها أني مش مفروض أكوي قميصي لنفسي، رغم أني واخواتي الأتنين متعودين أن بدخول أولى إعدادي كل واحد بيكوي هدومه لنفسه. المهم بقت ماما تصحى الصبح بدري تكويلي القميص وتسيبهولي على كرسي المكتب فبقيت ألبسه متغصب ووأنا نازل في الأسانسير أكرمشه بنفسي.. ناس كتير ممكن تشوف الموقف دا تصرف غلط بس مش بالبشاعة اللي تخليني لحد النهاردة أتضايق من نفسي، لكني لما بتأمله بلاقي أن خطورة إنحرافي الفكري مكنش بس في أني شايف القميص في المراية جميل ومكوي ومع كدة مصمم أخليه مكرمش وإنما في أني مكنش عندي مشكلة أسيب مامتي تصحى بدري وتتعب في كوي القميص عشان خاطري وأنا بكل برود أكرمشه في ثانية، زي ما تعبتها في تربيتي ١٥ سنة وبعد ما يدوب بقيت راجل وهترتاح شوية بقيت أتعمد أبوظ نفسي، وزي ما ربنا من زمان جداً بيهديني وأنا بتعمد أضل بنفسي.
وكنت مشترك في bus المدرسة، اللي كان من أهم أسباب التغيير في شخصيتي. زمان قبل تالتة إعدادي كنت بقعد مع أخويا وأختي مسرح شعري بكريم palmer’s أقرأ كتب مفيدة او comics. وكنت لما بركز في هزار الولاد والبنات اللي قاعدين عالكنبة في أخر الbus مبحبش طريقة كلامهم وأسلوبهم في الضحك على حاجات عبيطة وبصوت عالي، فكنت بقعد جنب أخوايا وأختي بعيد عنهم. لكن لأن دلوقتي خلاص أختي اتخرجت من المدرسة وأخويا في تالتة ثانوي مبيروحش المدرسة كتير فأنا بقيت قاعد لواحدي والكراسي فاضية حوليا. ولأن انطوائيتي بتثير فضول أي شخص بيعرفني لقيتهم سابوا الكنبة اللي ورا وجم كلهم قعدوا جنبي.
أنا فاكر أول يوم جم يقعدوا معايا. كنت كعادتي قاعد ساند ركبتي عالكرسي اللي قدامي ومربع إيدي وحاطت الheadphones في وداني، باصص من الشباك وبسمع أغاني أتأمل بيها في الحياة وأفكر في المعاني. ساعتها كنت بمر بheartbreak بسبب أني شفت البنت المؤدبة البرئة الجميلة اللي كنت بحبها في ابتدائي واقفة مع ولد برة المدرسة. فجأة لقيت الولاد والبنات اللي بيقعدوا في أخر الbus جم قعدوا جنبي وقدامي وعمالين يبتسموا لبعض ويبتسمولي. استغربت جداً.. إيه التصرفات الغريبة دي. قعد جنبي أتنين من دفعتي كانوا معايا في الفصل أيام ابتدائي، كنا زمان صحاب اوي لكن مع دخولنا إعدادي إنفصلنا فكل واحد اسلوب حياته بقى مختلف عن التاني وبقينا يدوب كل يوم نتقابل في الbus نسلم على بعض ونتكلم ثواني. المهم شلت الheadphone الشمال من وداني عشان أشوف عايزين إيه. طبعاً خطتهم كانت كمبدأ أخلاقية ونبيلة جداً، أنهم شايفني انطوائي علطول قاعد لواحدي فعايزين يساعدوني، لكن لأن حياتهم هما أصلاً كانت غلط فمكنش في إيدهم غير أنهم عشان يعالجوني يضروني. دا بالضبط حال كتير من النخب الفكرية في مجتمعنا المصري. أنا وبقية السلفيين وحتى عموم المتدينين فينا عيوب وعندنا مشاكل في فهم الإسلام فبيحاولوا يصلحونا، لكن للأسف لأن النخب الفكرية دي المنهج الأيديولوجي بتاعهم أصلاً غلط فبدل ما بيصلحونا بيضرونا.
في الbus، بعد حوار قصير بين ولد أكبر مني بسنة وبنت معاه في الدفعة لف ناحيتي وسألني: “ايه بتسمع إيه؟”، فأديته الheadphone الشمال. قالي أنت بقيت علطول بتسمع أغاني، فين الcomics اللي كنت بتقراها زمان، ليه بطلت تقراها؟ فقلت له عادي تغيير مش أكتر.. دخل صحابي الأتنين التانيين في الحوار وبدأنا نتكلم عن cartoon network؛ نضحك على dexter’s lab وpowerpuff girls وjohnny bravo، وأنتهى كلامنا عن الmedia بأخر أخبار J-Lo وأد إيه ال4 cats بيقلدوا spice girls وعمرو دياب بيقلد ricky martin. وانا خلص الكلام عن المغنيين والأغاني بدؤوا يتكلموا عن إيه الجديد في المدرسة السنادي؛ مين صاحب مين ومين فركش مع مين وغيره من كلام المدارس.
وكنت بقالي سنين متعود أن لما الbus بيوصل المدرسة بنزل مع أخويا وأختي في الparking وأدخل منه علطول عالline، لكن لأن السنادي خلاص اخواتي مش معايا قررت أبدأ أنزل مع “صحابي الجداد” برة المدرسة. ومع بداية وقفتي برة المدرسة مع صحابي الجداد كان طبيعي أني أتعرف على صحاب أجدد. رجعت أتعرف من جديد على صحابي اللي كنت بعدت عنهم من أيام ابتدائي، وبعد تلات سنين من الإنقطاع رجعت أكلم بنات تاني. طبعاً دا شيء طبيعي أني أتكلم مع بنات، مش معترض، ما هما مخلوقات موجودة في المجتمع، بس الفكرة بنتكلم ليه وفي إيه وإزاي. عجبني lifestyle حياة المدرسة الجديد دا، فرجعت بهدوء وانتظام أبني الpopularity بتاعتي تاني، ناس كتير بتبص للشهرة وسط الناس على أنها حاجة صعبة، لكنها في الحقيقة مش محتاجة غير قرار جرئ وخطوات بسيطة. تقدر تبقى مشهور بسهولة، أه، جداً، صدقني. لكن السؤال الخطير هو: هتبقى مشهور وسط مين؟
ولأن الbus بيوصل بدري فأنا زمان كنت متعود أدخل المدرسة قبل الline بربع ساعة مثلاً، أتمشى مع صحابي ونسلم على المدرسين وأشارك في الإذاعة المدرسية، لكن لأني دلوقتي بقيت بدخل الline متأخر من وقفة الصبح عند boutique داليا فأنا بقيت بقف مع باقي الطلبة المتأخرين على باب المدرسة لحد ما الطلبة “الملتزمين” بالمواعيد يخلصوا تحية العلم. كنا إحنا الطلبة المتأخرين نبقى واقفين بعيد نضحك ونهزر وباقي الطلبة اللي جايين بدري واقفين ثبات ومتنشنين ومحدش يجرؤ يبص جنبه. كنت بفكر بيني وبين نفسي: الناس دول عايشين حياة مملة جداً مقارنة باللي ممكن يعيشوه، إيه اللي مخليهم يعيشوا كدة؟
بعد تحية العلم كانت إدارة المدرسة بيدخلونا، إحنا الطلبة اللي داخلين متأخر، رافعين إيدينا لفوق زي الأسرى كدا نعدي واحد واحد على ناظر المدرسة. المشرفة الإجتماعية وجنبها الناظر كانت بتسأل كل واحد فينا عن فصله عشان يبعتوا للمدرس بتاعه ينبهوا عليه يذنبه أول حصة فكل واحد من المتأخرين كان بيقولها رقم فصله: 1B ،1C ،1D.. إلخ. لكن فصلي مكنش ليه رقم لأن عندنا في الenglish school كل دفعة بيكون فيها فصل للمتفوقين فقط وبيكون أسمه “Honor Class”. كان بيكون أوسع وأجمل من باقي الفصول وبيدرسله أحسن مدرسين وبيدخله أشطر ٣٠ طالب في المدرسة.
أنا فاكر أول مرة قلت للمشرفة الإجتماعية أني من honor class هيا والمدير اتصدموا، مش مصدقين أن حد من فصل المتفوقين بيقف برة المدرسة وبيدخل الطابور متأخر، وزاد ذهولهم لما صحابي من المتأخرين ندهوا من ورايا: “ده التاني عالمدرسة في تالتة إعدادي يا miss”.. “وطول عمره بيطلع من الأوائل”.. وردد الأخير اللي أكتشفت بعد كدة أنه كان متراهن مع باقي صاحبنا أنه يبوظ أخلاقي: “عشان تبقوا تفصلوا طلبة honor عننا”.. “طلبة honor مش أحسن مننا”.. طبعاً الكلام دا كان بيكون مُرضي جداً لذاتي؛ أني بدأت أكسر القواعد وأتمرد عالروتين، بعبر عن نفسي وبغيّر النظام العقيم، لكن بالنسبة للمدير والمدرسين اللي واقفين كان بدون مبالغة بيكون حسرة..
ورغم أني دلوقتي مدرك أني ساعتها كنت ماشي في سكة غلط إلا أني برضه عارف أن حياة الإنطوائية اللي كنت فيها مش صح. تشابه كبير بين تسمية الطلبة اللي ماشيين على قواعد المدرسة بالملتزمين وتسمية أتباع المدرسة السلفية بالملتزمين. إحنا فعلاً كأصحاب أيديولوجيات في مدرسة، وأنا تاني زي زمان زهقت من حياة الإلتزام وبقيت متشوق أعيش حياتي بحرية بسبب الاستقطاب اللي حاصل بعد الثورة. هل المرة دي برضه هتغير وأبقى شخص منفلت؟ ولا هقدر أتغير بدون ما أخسر هويتي وأبقى زي ما بتمنى شخص مثالي متزن؟ أنا صحيح وأنا صغير كنت محتاج حد يخرجني من الانطوائية، لكني مكنتش عارف أن الناس اللي هتخرجني منها دي هيخلوني أبقى طالب بايظ ومنحرف. أنا شايف أن زي ما الثورة ما ممكن تحررني من قيود كتير أنا مش محتاجها زي ما ممكن تخليني أعيد نفس الغلطة اللي عملتها زمان. وبعيداً عن إذا ما كانت جملة “ليبرالية يعني أمك تقلع الحجاب” جملة صحيحة او خطأ فأنا تجربتي العملية بتقولي أني مينفعش أمارس الحرية بدون ما يكون ليها قيود وإلا هخرج من الإنطواء للإنفلات.
أغلب الطلبة اللي مش من الhonor class كانوا بيحسوا بالتمييز ضدهم لأنهم مش بياخدوا نفس الاهتمام وجودة التعليم اللي الطلبة المتفوقين بياخدوها وبالتالي الgap العلمي بيزيد بينهم. وفجأة صحابي الجداد اللي من بقية الفصول قرروا يعملوا ثورة عالإدارة ويجمعوا توقيعات من كل الدفعة عشان يلغوا فصل honor، وبما أني بالفعل من الفصل دا فأنا وصحابي بدأنا نتكلم مع باقي طلبة فصلي ونقنعهم بأهمية القضية ونطلب منهم يوقعوا على طلب إلغاء فكرة فصل الhonor. ورغم تهديدات المدرسين وخوف الطلبة السلبييين واشمئزاز بعض زمايلنا الأرستقراطيين جمعنا توقيعات أكتر من ٦٠٪ من الفصل وقدمناها مع توقيعات كل الفصول التانية، لكنها تم تجاهلها، فعملنا إضراب أسبوع بالنوم عالdisk، الأمر اللي خلى إدارة المدرسة تجتمع بأولياء الأمور بتوع فصل الhonor وشرحولهم المشاكل النفسية والاجتماعية المترتبة على التمييز بين الطلبة المتفوقين وغير المتفوقين، وأنهم قرروا إلغاء فصل honor.
لكن مع إنجازنا التربوي والأخلاقي دا فضل فكري مشوه بين الصح والغلط. إزاي الطلبة الغير متفوقين يطلعوا مظلومين بقالهم سنين من بداية أولى إعدادي والمدرسين متقبلين الظلم دا؟ وإزاي صحابي اللي في نظر المجتمع منحرفين يكونوا هما اللي صح وإدارة المدرسة غلط؟ الموضوع دا كان سبب في أني استنتج بالخطأ أن الأفكار اللي أتربيت عليها كلها بدون تمييز غلط، وبالتالي بدأت أتخلى عنها وأنحرف أكتر، والسبب هو غياب القدوة المثالية.
من أكتر التعليقات اللي كنت بسمعها من المدرسين في أولى ثانوي حاجات زي “أنت طالع كدة لمين؟! دا أخواتك كانوا بلسم..” لأن اخواتي كانوا من أشطر وآدب طلبة في المدرسة من سنة ١٩٨٩، فكان مدرسين ثانوي عارفينهم. أما المدرسين اللي درسولي في إعدادي او ابتدائي فكنت لما أعمل مشكلة يقولولي بغضب ممزوج بالشجن: “إيه يابني اللي غيرك كدة؟ دانتا كنت زي النسمة، إيه اللي حصلك؟”.
ورغم أني متفق معاهم في رفض سلوكياتي في الفترة دي إلا أني مستغرب أنهم كانوا مستغربين أني بتغير. منتظرين إيه اللي يحصل لمراهق عاش طول فترة طفولته محترم لكن لما كبر لقى أن الطلبة اللي بيعتبروا منحرفين فكرياً وأخلاقياً هما رموز وصوت المدرسة؟ او لما صاحب الكشك اللي فاتح برة المدرسة يقولنا أن حد في منصب مهم في إدارة المدرسة بياخد منه رشوة عشان يسمح للطلبة تطلع تشتري منه.. فالسبب الأساسي لفسادي الأخلاقي مع بداية سن المراهقة كان ببساطة بسبب اطلاعي على إنحلال المجتمع؛ من أول صدمتي في أخلاق البنت اللي كنت بحبها في إبتدائي وبقيت ألاقيها بتقف مع ولاد برة المدرسة لحد الفساد المالي والإداري في المدرسة، بجانب طبعاً التحولات الفكرية اللي شفتها بتنتشر وسط عموم المصريين مع أنتشار “الدش” والإنترنت، حاجات مقدرتش أتعايش معاها في غياب التربية الإيمانية غير بأيدلوجية جملة سمعتها في فيلم عربي أيام طفولتي وأنا بلعب بالميكانو والتلفزيون شغال جنبي لما محمود عبد العزيز قال للراجل في التيليفون: “يا عزيزي كلنا لصوص”.. وقعد يضحك.. وخلص الفيلم على كدة..
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.