الفصل رقم ٣٠: Another Brick In The Wall – ٢/٢
الفصل رقم ٣٠: Another Brick In The Wall - ٢/٢
في نفس السنة دي طلع كلام أن وزارة التعليم عرفت أن فيه فساد مالي وإداري في المدرسة ونزل إنذار أخير للإدارة أنها لو أستمرت كدة هتتحول من مدرسة خاصة لمدرسة تجريبية عشان تبقى تحت إشراف الحكومة، وبقى كل المدرسين وأولياء الأمور وحتى المجلات والجرايد بيتكلموا عن بوظان ‘المدرسة الإنجليزية’، أول مدرسة لغات بمصر وأحد أعرق المدارس فيها. وفي مرة وإحنا في الفصل واحد طلب من miss كانت بتدرسلنا زمان أيام ابتدائي تكلمنا عن الEnglish School وتاريخها. اتكلمت الميس كتير جداً وحكت عن إنجازات المدرسة وذكرت الشخصيات المتميزة اللي اتخرجت من المدرسة ومنهم مشاهير وسفراء ووزراء، لكنها في الأخر قالت: “بس الEnglish School خلاص للأسف باظت. اللي عايز يعرف الفرق بين الEnglish School زمان والEnglish School دلوقتي يبص على عمرو”.. ورغم استدعاءات ولي الأمر الكتيرة إلا أنها مكنش ليها أي نتيجة، لأني كنت أصلاً في البيت مغلّب أهلي.
خلصت أولى ثانوي وطلعت النتيجة وكانت صدمة بابا وماما أني لأول مرة في حياتي مطلعش من ال٣ الأوائل، ورغم صدمتهم إلا أن النتيجة بالنسبالي كانت عادي، لأني ساعتها كنت خلاص مبهتمش بالحاجات اللي زي دي.
طبعاً بابا وماما بقوا شايلين هم أني لو فضلت كدة أكيد مش هعدي من ثانوية عامة، فكروا ينقلوني I.G او American وأتأخر سنة مش مشكلة لكنهم لما سألوا مدرسيني قالوله لو نقلتوه هيبوظ أكتر، المشكلة مش في المدرسة على أد ما المشكلة فيه هو..
من التصرفات الغير مسؤولة اللي عملتها في الفترة دي أني في صيف أولى ثانوي وأهلي مسافرين كلمت كل صحابي وقلتلهم أني عامل في البيت حفلة. جه صحابي وصحاب صحابي وعملنا الحفلة وقضينا يومين في البيت مش عارف مين داخل ومين خارج، ولما ماما رجعت اكتشفت أن اتسرق من عندها فلوس كتير وخاتم دهب. فضلت أكذب على بابا وماما أن مفيش حد دخل، لحد ما جبت الفلوس والخاتم من صحابي ورجعتهم لأهلي وعرفتهم اللي حصل. طبعاً الموضوع معداش بسهولة ولكن الخناق والخصام والعقاب مغيرش فيا كتير، او كتير على اعتبار أنه كسر من السور اللي كان بيني وبينهم حجر..
بدأت دروس ثانوية عامة في إجازة الصيف قبل بداية الدراسة في شهر ٧، ورغم أني من ساعة ما دخلت مدرسة عمري ما أخدت دروس خصوصية إلا أن بعد فشلي الذريع في أولى ثانوي أهلي صمموا أني أخد درس عربي وbiology.
تجربة الدروس كانت ممتعة جداً لحد دائم التطلع زيي، لأني لأول مرة في حياتي بدأت أدرس مع ناس غير طلبة honor اللي بقالي ١١ سنة بدرس معاهم.. والأمتع من كدة كان الchatting عالحيطة مع الناس اللي في دروس ومواعيد تانية، كان بالنسبالي حاجة زي الإنترنت الواقعي.
بعد شهر من درس الbiology ميس ليلى عبد الجليل اتصلت بماما تشتكيلها مني. بتقولها أني طول الحصة بتكلم ومش مركز. أمال إزاي كل ما تسأليني أجاوب يا ميس ليلى؟؟ المهم ميس ليلى نقلتني من بين طلبة الEnglish School والFuture قعدتني وسط طلبة BBC وMES، فبدأت أتعرف عليهم..
واحد منهم طلع fan مجنون لinter milan، فلما شاف معايا ميدالية juventus اتجنن واتزعبب. طلع في الآخر إبن صاحبة مامتي، استغرب جداً مكنش مصدق، لأن مامته كانت بتقوله إبن صاحبتي معاك في درس الbiology هتلاقيه زي إخواته هادي وشاطر ومؤدب..
تاني واحد أتعرفت عليه كان Omar Punk Skateboarding. كان بيحب skateboarding جداً وبيجيبلنا صوره وهو بيskate وينط ويتشقلب. اتفقنا أنه يعلمني skateboarding عالslopes اللي قدام Mac المرغني تحت الكوبري. حكيت لأخويا أني بدأت أحوش عشان هشتري skateboard، فقال لماما، وبس خلاص الموضوع أنتهى..
تالت واحد عرفته كان The Japanese Yasser. طالب من الBBC نصه مصري ونصه ياباني، كان genius بجد كأنه من كوكب تاني. كان قاعد على يميني وعمال يجاوب قبل ما ميس ليلى تشرح، طبعاً اتغظت، ازاي بيعرف حاجات معرفهاش وأنا قارئ الchildren’s concise encyclopedia. سألته فقالي لأنه درس كل منهج الbiology بتاعنا في اليابان من ٣ سنين.. فصلني..
فى يوم من نص تانية ثانوي، في يناير ٢٠٠٣ تحديداً، وأنا وصحابي مروحين من درس الbiology كالعادة معانا كورة بنpassسيها لبعض من فوق العربيات وتحت الأوتوبيسات، فعملت حركة متهورة فعربية خبطتني وأتكسرت رجلي. صحابي خدوني بسرعة على عيادة بابا اللي في الكوربة فجبسني وقالي الحمد لله أن الكسر قدرنا نجبسه لأنه كان ممكن يحتاج عملية كبيرة، هتقعد في السرير أسبوعين لحد ما تعرف تمشي.
خلال الأسبوعين دول كان بابا وماما وأختي وأخويا بيأكلوني ويشربوني ويونسوني بعد ما كان بقالي سنين عايش وسطهم لكن مستقل بنفسي. وكنت لما كلهم يناموا بالليل بفضل صاحي لواحدي، وكنت بطلب من ماما تقفل النور وتسيب الستارة مفتوحة عشان أتفرج عالطيارات وهيا معدية واستنى القمر يمر عليا. ساعتها بدأت لأول مرة من سنين عشتها بجنون أتأمل في حياتي، طبيعي لما الواحد يسهر لواحده في هدوء يبقى أكثر عقلانية. قضيت ليالي كتير أقارن بين نفسي في الماضي والحاضر، ولو فضلت كدة هكون إيه في المستقبل. وبعد انقطاع طويل عن ربنا بقيت لما أسمع أذان الفجر أصلي، وبعد سنين من التقليد الأعمى بدأت تاني أفكر.
أكتر حاجة أثرت فيا هيا أد إيه أنا ضعيف جداً على عكس جو التمرد اللي أنا عايشه، وأد إيه طول عمري معذب بابا وماما معايا حتى بعد ما المفروض كبرت وبقى عندي ١٦ سنة. كنت مذهول أن قبل الموضوع دا بأسبوع بس الcenter اللي باخد فيه درس الbiology اتصلوا بماما يشتكوا أن أنا وصحابي بنلعب بالكورة بعد الدرس وبنعمل مشاكل، ساعتها ماما زعقتلي وقالتلي متلعبش بالكورة وأنت ماشي في الشارع أحسن عربية تخبطك او رجلك تتكسر، طبعاً قلتلها حاضر وطنشطها، لكن بعدها باسبوع بالظبط اللي حذرتني منه حصل. بدأت أفكر في باقي الحاجات اللي ماما بتتخانق معايا عليها وأنا مش مقتنع بيها؛ الكومبيوتر هيبوظ عينيك، الheadphones هتبوظ ودانك، ذاكر عشان تدخل كلية حلوة زي أخواتك.. بقيت أفكر، هل ممكن بعد كل العند دا يطلع كلامها صح وأطلع فعلاً عايش حياتي غلط؟
رجعت أنزل من البيت وبقى أخويا الكبير – اللي كان دايماً أعقل مني بشوية – يوصلني الدروس وبعدها يعدي عليا يروحني. وفي يوم جه ياخدني من درس الbiology فلما ركبت لقيته مشغل قرآن بصوت مشاري راشد. ساعتها مكنتش لسة أعرفه بس عجبني جداً، واستغربت وحسيت كأنه بيقرأ حاجة جديدة عليا.. إحساس أني أول مرة أسمع آية قرآن فأفهمها وتعجبني كان غريب جداً.. هل عشان صوته حلو؟ ولا عشان الsound system جامد؟ ولا لأني بقالي كتير جداً مركزتش مع القرآن؟
بقيت كل ما يعدي عليا ياخدني من درس أطلب منه يشغلي مشاري راشد وأسمعه بتركيز شديد وأنا بتأمل الناس في الشوارع والعربيات، لحد ما في يوم طلبت منه أني أخد الشريط معايا البيت، ففرح جداً واداني ٣ شرايط بدأت بيهم رحلتى مع التدين. حطيتهم في الhi-fi اللي في أوضتي وبقيت أنام وأصحى وأكل وأذاكر وأexercise وأنا بسمعهم. أرتبط بيهم جداً، وبقوا شاغلين كل حياتي، وفضلت شهور كتير كدة لحد ما مع الوقت بقيت حافظهم وبردد معاهم.
ومع بداية القعاد في البيت استعداداً للإمتحانات أخويا جابلى شريط ل”داعية جديد أسمه عمرو خالد”. شغلت الشريط وكانت المفاجأة أني لقيت شاب بيتكلم في الدين بطريقة سهلة جداً، أول مرة أسمع حد بيتكلم في الدين بطريقة تتفهم، او بالأصح بطريقة أفهمها، لأني أنا اللي كنت بعيد عن الدين مش الشيوخ. كان اسم الشريط “عفو الله” متسجل من درس تراويح ليلة ٢٧ في سنة من السنين. كان على بساطته شريط مثالي أبدأ بيه مرحلة سماع الدروس بعد ما كنت فاكر أن عفو ربنا دا كان زمان وأنا صغير. عجبني اوي وأثر فيا فخيلت أخويا يجيبلي شريط تاني وتالت لحد ما جابلي سلاسل كاملة. بقيت لما أحب أريح من المذاكرة أسمع منها فيرتاح بالي ويتغير فكري، وبدأت أقرب بيها لربنا وعلاقتي ببابا وماما تتصلح.
خلّصت تانية ثانوي بمجموع ٩٥,٧٪ وسط ذهول أهلي، كانوا متوقعين أني أشيل مواد عشان مذاكرتش غير أخر ٣ شهور في السنة منهم اتنين رجلي كانت مكسورة فيهم. ورغم أنهم كانوا فرحانين جداً إلا أني كنت محبط عشان المجموع دا ميدخلنيش كلية الطب زي ما كان نفسي. قالولي احمد ربنا أنه وفقك إحنا كنا فاكرينك هتسقط، لسة في فرصة تانية، ذاكر كويس السنة الجاية وبإذن الله لو جبت ٩٩٪ هتقدر تدخل طب بشري.
في نفس اليوم خليت أخويا يطلعلي notes الchemistry بتاعة ميس ليلى موريس وأخدتها معايا مارينا وسط استغراب أهلي، لكني كنت اتعلمت من ليالي المذاكرة أيام تانية ثانوي أن الطريقة الوحيدة عشان أعوض اللي فاتني أني أذاكر بالليل وباقي الناس نايمة، ولأن فاتني كتير قررت أني من بداية الصيف هذاكر لتالتة ثانوي.
والنهاردة أنا في مارينا أهو وخارج شوية مع أخويا وEsso قبل ما يجي وقت المذاكرة، رايحين نتفرج على Autocross اللي هيلعب فيه صاحب معتز.
بدأ autocross بshow لعمرو mcgyver فجه معتز وصحابه قعدوا في المدرجات ورانا وجنبنا وفضلوا طول الshow عمالين يهتفوا woohoo ويصفّروا. خلص الshow وبدأ لعب التراكات والناس كلها excited. ساعتها متابعة أداء المتسابقين كان بالنسبالي مجرد حاجة ترفيهية، لكن لما بفتكر تخميساتهم وdriftتاتهم دلوقتي بلقيها مليانة معاني إيمانية، فكرة أن الحياة الدنيا بفتنها ومشاكلها زي تراكات اوتوكروس بحواداتها وبراميلها كافية أنها تخلي أي شاب متأمل يشوفها يقف وقفة مع نفسه.
خلص اللعب وقمنا نروّح فمعتز خدني أتمشى بيا وطلعني قعدت معاه عالعربية الsebring الsilver. شوية ومشيت مع أخويا وEsso رحنا sea gull اتعشينا وأشترينا صوابع زينب وزلابيا. أخدناها ورحنا المرسى القديم اللي دلوقتي بقى بورتو مارينا قابلنا صحابنا هناك وقعدنا نلعب كوتشينة. بعدها روّحت الشاليه غيرت هدومي وخدت notes الchemistry وقعدت أذاكر بكل سعادة في الterrace وأنا بسمع محاضرة د. عمرو خالد “من روائع حضارتنا”.
وقتها كلامه عن “حضارة أمة الإسلام” و”العصر الذهبي للمسلمين” على بساطته كان ليه تأثير كبير اوي عليا. قررت أني لازم أتفوق في تالتة ثانوي عشان أبقى مثال للمسلم المتعلم.. وفعلاً بعد سنة اتخرجت من المدرسة بمجموع ٩٩.٧٪، حافظ ٥ شرايط قرآن، وبصلي في المسجد. ساعتها كانت نظرتي كمراهق طفولية جداً أن خلاص الإسلام راجع لمجرد أني كعمرو رجعت مؤدب وبصلي.. لكن طلع المشوار طويل جداً؛ مشوار طريق الإلتزام، ومشوار إحياء الأمة.
“ملكنا هذه الدنيا قرونا *** وأخضعها جدود خالدونا
وسطرنا صحائف من ضياء *** فما نسى الزمان ولا نسينا
بنينا حقبة في الأرض ملكا *** يدعمه شباب طامحونا
شباب ذللوا سبل المعالي *** وما عرفوا سوى الإسلام دينا
شباب لم تحطمه الليالي *** ولم يُسلم الى الخصم العرينا
فما عرف الخلاعة في بنات *** ولا عرف التخنث في بنينا
ولا عرفوا الأغاني مائعات *** ولكن العلا صنعت لحونا
ولم يتبجحوا في كل أمر *** خطير، كي يقال مثقفونا
فيتحدون أخلاقا عذابا *** ويأتلفون مجتمعا رزينا
كذلك أخرج الإسلام قومي *** شبابا مخلصا حرا أمينا
وعلمه الكرامة كيف تبنى *** فيأبى أن يقيد أو يهونا
وما فتئ الزمان يدور حتى *** مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي *** وقد عاشوا أئمته سنينا
وآلمني وآلم كل حر *** سؤال الدهر: أين المسلمون؟
ترى هل يرجع الماضي؟ فإني *** أذوب لذلك الماضي حنينا
دعوني من آماني كاذبات *** فلم أجد المنى إلا ظنوناً
وهاتوا لي من الإيمان نور *** وقووا بين جنبي اليقينا
أمد يدي فأنتزع الرواسي *** وأبني المجد مؤتلقاً مكيناً”
— الشاعر هاشم الرفاعي
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.