الفصل رقم ٣٦: Grease is the word
الفصل رقم ٣٦: Grease is the word
وأنا سايق العربية رايح Porto Marina قعدت أفكر في قصتي اللي هكتبها. محتاج أوصل بيها لشريحتين: الشباب اللي في سني وعدوا بتجاربي، والteenagers اللي لسة هيمروا بتجارب مشابهة. لكن ازاي؟ أنا بعدت اوي عن حياة الشباب والteenagers، من ساعة ما دخلت في السلفية وأنا منعزل عن كل صحابي ومش عارف طريقة حياتهم او بيفكروا في إيه، فإزاي هكتبلهم..؟ أظن أني دلوقتي أخر واحد على الكرة الأرضية ممكن يكتب للشباب والteenagers..
سمعت كتير علماء الأزهر بيتكلموا عن تجديد الخطاب الديني. أنا فعلاً محتاج أتغير وأجدد من خطابي الديني.. لكن هل السلفية تسمح بكدة؟ وإذا كانت تسمح، هل صحابي ومعارفي السلفيين أنفسهم هيتفهموا كدة؟ الحقيقة في فارق كبير جداً بين السلفية والسلفيين، لأن بعض السلفيين اختزلوا السلفية في بعض الأحكام الشرعية والأراء الفقهية المُستشكلة على أهل العلم المعاصرين. الأمر اللي خلى السلفية في أذهان كتير من المسلمين، بل حتى في أذهان بعض العلماء والدعاة السلفيين وغير السلفيين، عبارة عن إعفاء لللحية وتقصير للثوب وترك للمعازف. صحيح الشيوخ السلفيين علموني حجات جميلة كتير جداً، لكنهم برضه قولبوني قولبة خلتني متخلف جداً مقارنة ببقية المسلمين.. وصحيح إحنا كسلفيين عندنا علم شرعي أكتر من عموم المسلمين، حتى المتدينين منهم، لكننا بعاد جداً عن الواقع ومشاكل المجتمع ومتطلبات الحياة. الموضوع دا بفكر فيه كتير الفترة الأخيرة وهو من أهم أسباب رحلتي دي لمارينا، أني أعيد تعريف السلفية لنفسي ومن ثم أشوف إذا أنا محتاجها في حياتي ولا لأ.
مشكلتي مع هويتي السلفية دي بتفكرني بزمان وأنا teenager في المدرسة لما كنت بتخانق مع بابا وماما ومدرسيني بسبب حاجة بسيطة جداً ولكن محورية جداً في حياة أغلب الmillennials اللي زيي، وهيا الhair gel.
الhair gel ظهر في مصر بالضبط مع بداية الألفية. ساعتها كنت أنا حوالي ١٥-١٦ سنة، يعني في منتصف سن المراهقة. ولأني كنت من الناس الpopular في المدرسة وبهتم جداً أن مظهري يبقى حديث فأنا كنت من أوائل الناس اللي بدأت تستخدم الhair gel، بعد ما اتعرفت عليه من صاحبي الpopular برضه بتاع النادي.
لكني بمجرد ما بدأت أحط gel في شعري فوجئت بممانعة رهيبة من بابا وماما ومدرسيني. بابا وماما كانوا بيقولوا أن استخدام الgel مش مناسب عشان بيوقع الشعر، وأن كريم Palmer’s، اللي متعودين يحطهولي من صغري، أحسن وأفيد للشعر.
أنا طبعاً كنت رافض للكلام دا.. ورغم أني كنت بحب كريم Palmer’s جداً إلا أني واقعياً كنت فعلاً محتاج الhair gel عشان بيثبت الشعر على وضعه فبيخليني مش مشغول بيه وأنا برة للبيت.
لكن للأسف بابا وماما ومدرسيني متفهموش الموضوع دا، وبقى بابا وماما لما يشوفوني وأنا نازل من البيت وحاطط gel يعاقبوني ومينزلونيش.. الشيء اللي خلاني أبقى أنزل من غير gel في شعري لكن أخد معايا علبة الgel في جيبي واحطه بعد ما أنزل، ووأنا راجع من الخروجة أغسله.. وفضلت كدة فترة، لكن بعدها بابا أكتشف، والنتيجة أن أنا وبابا اتخانقنا خناقة كبيرة وحرمني من الخروج مع صحابي لمدة أسبوعين.
بعد الأسبوعين ما خلصوا قابلت صاحبي بتاع النادي وقالي أن بالظبط اللي حصل معايا حصل معاه. وأنه بطل يحط gel، وإنما بيحط حاجة جديدة اكتشفها اسمها hair wax – grease.. وقالي أن الhair wax دا فيه مميزات الكريم أنه مش بيثبت وفي نفس الوقت فيه مميزات الgel أنه بيظبط الشعر ويخليه ماسك نفسه.
ساعتها قلت لبابا وماما على أختراع الhair wax دا، وقلتلهم أن في منه ماركة Palmer’s برضه، فوافقوا عليه.. واتحلت المشكلة.
أنا الحقيقة شايف أن أزمة السلفيين مع المجتمع عاملة زي الخلاف بيني وبين أهلي على الhair gel أيام ما كنت مراهق. صحيح المجتمع بيعمل حجات غلط بتضره زي ما السلفيين بيقولوا، لكن المجتمع برضه ليه إحتياجات وتطلعات ومشاكل السلفيين مش قادرين يفهموها فضلاً عن أنهم يحلوها. وبالتالي فالمجتمع، بما فيه أنا، محتاج منهج تاني زي اكتشاف صاحبي بتاع النادي للhair wax اللي كان بيجمع بين مميزات الكريم والgel، منهج أقدر أفهم بيه الواقع وأحل بيه مشاكل المجتمع، ومنه ينبثق تجديد الخطاب الديني اللي بدور عليه. منهج يكون غير السلفية، لكن من نفس ماركة السلفية، تحت نفس المظلة اللي تحتها السلفية.
لكن إيه هو المنهج التاني دا؟ الحقيقة أنا مش هقبل تاني أني أتبع منهج مستحدث من بعد النبي صلى الله عليه وسلم. أنا هتبع منهج النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، ومش عايز أسميه بأي اسم. أنا بعد رحلتي الطويلة في البحث عن المنهج الإسلامي الصحيح والمثالي مش هنتمي لأي جماعة، ومش هسمي نفسي سلفي ولا تبليغي ولا صوفي ولا ليبرالي ولا غيره، وإنما هسمي نفسي مسلم وبس، قال تعالى:
.. هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ .. – الحج/٧٨
وأما الحاجات الجميلة اللي اتعلمتها في السلفية والصوفية وأيام التبليغ والليبرالية فأنا هحافظ عليها لأن مصدرها سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ورغم أني خلاص من النهاردة مش هعتبر نفسي تابع لأي مدرسة من المدارس دي إلا أني متفهم الأسباب وراء نشأتهم وبتعاطف معاهم، لكني ضد فكرة الانشقاق عن بقية المسلمين بهوية منفصلة أياً كان السبب، فالصح أن المسلمين يكونوا حاجة واحدة فقط والخلافات اللي بينهم يحددها البحث والاجتهاد تحت مسمى الفقه مش التحزب، خصوصاً أن المدارس دي نفسها مختلفين داخلياً على مسائل فقهية محورية، منها حتى العقدية، الأمر اللي نتج عنه نشأة مدارس مختلفة ومناهج أكتر أصغر، فإيه الفايدة من التسمي بهوية فرعية او استخدام أي إضافة ضمنية لمسمى “مسلم”؟ حتى الآن المسميات دي منتجش عنها إلا الفرقة بين المسلمين في جماعات ضعيفة بتتصارع مع بعضها.
الرغبة اللي جوانا كلنا في الدعوة إلى الله وتوصيل رسالة ربنا للناس دي حاجة رائعة، بل هي السبيل الوحيد لدخول الجنة، لكننا لو معرفناش نوجهها صح بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم الحقيقي هنتسبب في ضرر أكبر من لو سبنا الناس في حالها بدون ما ندعوهم إلى الله، او كما نظن.
أتمنى لما أكتب قصتي وأنشر فيها كلامي دا ويوصل لصحابي السلفيين والتبليغيين والصوفيين والليبراليين ميزعلهمش. وأتمنى أكتر، يا رب، لو أنهم هما كمان يتأملوا ويفكروا ويغيروا وجهة نظرهم زيي.
وصلت Porto Marina فركنت ونزلت اتمشى أسترجع ذكرياتي بالمكان.
“I solve my problems, and I see the light
We got a lovin’ thing, we gotta feed it right
There ain’t no danger we can go too far
We start believing now that we can be who we are
Grease is the word
We take the pressure, and we throw away
Conventionality belongs to yesterday
There is a chance that we can make it so far
We start believing now that we can be who we are
Grease is the word”
— Frankie Valli, Grease is the word
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.