الفصل رقم ٦: Ratatouille والباحثين عن المثالية
الفصل رقم ٦: Ratatouille والباحثين عن المثالية
بمجرد ما دخلت المطعم شميت ريحة شيشة. انزعجت جداً، أنا بكره الشيشة، فكرت بيني وبين نفسي: مطعم غير مثالي.
جه الموظف المسؤول يستقبلنا. أبدينا له انزعاجنا من رائحة الشيشة، فوجهنا للدور الأعلى المخصص لغير المدخنين. اتغظت أن إدارة المطعم عاملين جزء كبير من المطعم خاص بالمدخنين، اتغظت أكتر لما شفت العاملين بيخدموا المدخنين ويظبطولهم الشيشة.. أول حاجة جت في بالي أني أدخل على صفحة Facebook بتاعة المطعم وأعمل review سيء نجمة واحدة عنهم، لكن بسرعة شخصية من شخصياتي نبهتني..
كان في زمان فيلم animation اسمه Ratatouille، وكان الفيلم دا فيه شخصية اسمها Anton Ego، ناقد المطاعم المشهور الباحث عن المثالية، عايش حياته بيدور على المطعم المثالي اللي يلاقي فيه أكلة تعجبه. وكان الفيلم فيه برضه الشيف Gusteau، شيف شبه مثالي، أكله بيعجب كل الناس، وبيعلم الناس الطبخ حب وبساطة، إلا أن Anton Ego، ناقد الأكل المغرور زي أسمه، كان بيلاقي في أكل Gusteau أخطاء بسيطة جداً تخليه يخرج عن المثالية، فبينتقده في الصحف.
نقد Anton Ego اللاذع الغير بناء لGusteau في الصحف تسبب في أن شعبية برنامج الطبيخ بتاع Gusteau تقل، وبدأت الزباين تنفر منه لحد ما المطعم بتاعه بقى مهجور وأفلس وقفل، كل دا عشان غلطات بسيطة جداً في طبيخه معرفش Anton Ego يتقبلها لكونه لا يقبل إلا بالمثالية.
من هنا ظهرت شخصية الفيلم المحورية، Remy، الفأر العبقري الذي يجيد التعامل مع الغير مثاليين.
ريمي كان بيساعد الطباخين شبه المثاليين من تلامذة الشيف Gusteau بأنه بيحط لمسة بسيطة جداً على الطبيخ بتاعهم يخليه يتحول من شبه مثالي إلى مثالي. ورغم أني في الفيلم كنت معجب بالفأر Remy لأن الطبخ من أحب هواياتي، إلا أني من ساعة الثورة مبقيتش أمارس هواية الطبخ بانتظام زي زمان. الاستقطاب والصراع الفكري اللي حصل بعد الثورة حوّل Remy الموهوب المحبوب اللي جوايا إلى Anton Ego، ناقد لاذع لا يراعي مشاعر من يختلف معهم من غير السلفيين.
للأسف بعد تنحى الرئيس مبارك نشأت حالة من الاستقطاب بين المنتمين للتيارات الفكرية المختلفة في الشارع المصري، وكان الاستقطاب دا تنافساً على شكل الدولة الجديدة، وفجأة بدأت نسخ Anton Ego تنتشر بسرعة في المجتمع المصري.
وأنا كشاب سلفي حسيت أن أخيراً جت الفرصة لأن مصر تبقى دولة مثالية، “دولة إسلامية سلفية” من وجهة نظري، وعلى الأساس دا دخلت في حرب السخرية والاستهزاء والسباب اللي بدأت بعد التنحي ومازالت مستمرة لحد النهاردة، ولكن لأني أدمن لأكبر صفحة إسلامية وعربية على فيسبوك فتأثيري السلبي بقى جمعي ومضاعف، وأصبحت تصرفاتي تجاه غيري من شباب التيارات الفكرية والوطنية المختلفة زي تصرفات Anton Ego تجاه الشيف Gusteau.
النقد الغير بناء اللي انتشر في المجتمع المصري اترتب عليه أن الشخص او المجموعة اللي وقع عليها النقد الغير بناء بقت بتتضرر أكثر ما بتنتفع من النقد، وفضلت أفراد ومجموعات من المجتمع يتضرروا ويتشوهوا لحد ما خسرنا كتير من إيجابيات شخصياتنا وبقينا كلنا بنصرخ ونسخر من بعض وكل دا تحت عنوان: البحث عن المثالية.
الوضع في مصر بقى خطير جداً*، لو ملحقناش كلنا نحرر Remy الناقد الموهوب المحبوب اللي جوانا ونستخدمه في أننا نحط اللمسة المثالية على بعضنا مجتمعنا هيفشل، زي ما مطعم الشيف Gusteau ما فشل في فيلم Ratatouille.
قررت أني مش هدخل أكتب review سيء عن المطعم دلوقتي وإنما هنتظر لما أشوف جودة الطعام والخدمة وبعدين لو عجبوني أكتب review إيجابي ٤ نجوم مع ملاحظة أن السبب هو وجود شيشة بالمطعم، لأن دا هو التصرف الصح، مش أني أشطب على كل مميزاتهم لمجرد أنهم بيعملوا حاجة واحدة غلط.
“افتح بيبان قلبك واعرفنى أنا إنسان زيك أنت،
افتح بيبان بكرة، مفيش فرق بين حلمى وحلمك أنت،
أنا من زمان جنبك بعيش، معرفش ليه معرفتنيش،
القرب بينا يفرق كتير، طول ما احنا فينا لبعض خير
نوصل حبال الود، نقرب حبة، هنعرف قيمة بعض.
تشوفه يبان عليه مكشر، شكلة يخوفك، وخوفك منه يكتفك، وتبقى عايز تهرب بعيد..
وبعد ما تعرفه يطلع طيب وإبن ناس، جدع وأصيل، مليان حماس، تقول كسبت صاحب جديد.
نشوف الناس ياناس ونحكم على اللى باين منهم، لكن ما بنشوفش اللى باين مننا للناس..”
— افتح بِيبان قلبك، محمد فؤاد وبشرى وعدوية – موبينيل
* كتبت الرواية دي في شهر مايو من سنة ٢٠١٣، يعني قبل ثورة ٣٠ يونيو بشهرين فقط.
Amr Ali Ibrahim
My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.