fbpx

الفصل رقم ٧: المتخاذلين عن المثالية

الفصل رقم ٧: المتخاذلين عن المثالية

الخميس ٢٥ أبريل ٢٠١٣ – الساعة ٢:٤٥ عصراً – مطعم كمُنَّة

 

طلعنا الدور اللي فوق. المكان لم يكن مزدحماً ولم يكن فارغاً، الأضواء لم تكن مبهرة ولم تكن خافتة، الأصوات لم تكن مزعجة، درجة الحرارة معتدلة. كان الجو مثالي. ارتاحت نفسيتي للمكان.

 

قعدنا في ترابيزة في مكان مميز. المدير جه رحب بينا وجاب لنا الmenu بنفسه في لفتة جميلة وذكية منه.

 

المنيو كان شيك وتسمية الأطعمة يفتح النفس على الأكل، كادت أن تكون مينو مثالية، إلا أن للأسف أخر صفحة فيها كانت “ركن الشيشة”.

 

استقرينا على الطلبات وندهنا الwaiter وطلبنا.

 

جابولنا العيش والسلاطات بسرعة، مؤشر على الخدمة الجيدة.

 

ببص في أطباق السلطات لقيت سلطة غريبة جداً أسمها “محمّرة” اول مرة أسمع عنها، سألت الwaiter عليها قال:

 

دي سلطة خاصة بينا يا أفندم، عبارة عن رمان بالطماطم بالفلفل الأحمر.

 

قلت في نفسي: محمرة.. رمان، طماطم، فلفل أحمر. ثلاث أشياء حمراء.. اختراع جميل، بحب الاختراعات والحاجات الجديدة. أخترتها.

 

بصيت تاني في قائمة أطباق السلطة ملقتش تومية، وأنا بحب التومية جداً.

 

سألت الwaiter: مفيش تومية؟

قال: لا، للأسف مفيش يا أفندم.

 

استغربت طبعاً.. عندهم سلطة خاصة بيهم ومعندهمش تومية؟ دا كل مطاعم المشويات عندها تومية.. تظاهرت بأني لا أبالي، قلت له مبتسماً: أوك، مش مشكلة.

 

الأكل وصل كله مرة واحدة، كان واضح من البداية أن المطعم منظم جداً. رائحة الأكل الشهية تتحدث عنه.

 

قدم المدير لنا الطعام بنفسه. عاجبني ذكاء المدير في التعامل، بيعاملنا بمنتهى الأهتمام والحفاوة، أكيد هو عارف أن المطعم جديد ومحتاج يعمل سمعة طيبة ليه.

 

كلنا عجبنا الأكل جداً. دقائق وخلصنا وحاسبنا وقمنا وإحنا راضين تماماً عن الأكل المتميز والخدمة الرائعة. وإحنا قايمين جه المدير الذكي ودعنا وقال “شرفتونا يا أفندم”.

 

نزلنا الدور اللي تحت عشان نمشي وأنا بفكر في نفسي: مطعم مثالي فعلاً! لكني شميت مرة أخرى رائحة الشيشة المزعجة التي كنت قد نسيتها. المثالية غاية تخاذل بعض المتميزين عن الوصول إليها. يقول المتنبي في ذم المتخاذلين عن المثالية:

 

ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً .. كنقص القادرين على التمام

 

موضوع البحث عن المثالية دا فيا من أيام طفولتي، مبحبش أشوف حاجة مش في مكانها الصحيح. بتضايق إذا دخلت مكان غير مرتب وبتوتر إذا لقيت مكان مترتب بس فيه حاجة صغيرة جداً خارجة عن النظام.

 

لو مثلاً دخلت supermarket وشفت علب في تلاجة الزبادي والجبنة متلخبطة لازم أرتبها، او لو شفت علبة لبن او عصير خارجة عن باقي العلب لازم أحركها عشان تبقى في نفس الحذى مع باقي العلب، وكل ما كانت الحاجة اللي قدامي أقرب للمثالية كل ما زادت رغبتي في إصلاحها لتكون مثالية، لدرجة أني كتير لو جت عيني على كيس بلاستك او غلاف تشوكليت مرمي في مكان نضيف بشيله أرميه في سلة المهملات، حتى لو دا هيسبب لي إحراج في عرف الناس اللي حواليا.

 

خرجت من المطعم المتميز وأنا حزين على تخاذله عن المثالية وهو أقرب ما يكون إليها، ومع ذلك لا أستطيع أن أنكر إعجابي الشديد بهذا المطعم شبه المثالي.

 

من أكتر الحاجات اللي عجبتني في المكان هو ذكاء المدير اللي بيه قدر يكسب زبون سلفي عاشق للتومية لمطعم فيه شيشة ومفهوش تومية، مما كان مدعاة للتفائل أنه ما زال التوافق الشعبي في مصر ممكناً بس محتاجين قائد ذكي زي مدير المطعم دا يقدر يجمع المنتميين لكل التيارات الفكرية حواليه حتى وإن كانوا مختلفين معاه في نقاط معينة.

 

ركبنا العربية ورحنا أقرب مسجد، مسجد مكة، صلينا العصر. بعدها خرجنا من المسجد ركبنا العربية، بس لسة مش هنروح طبعاً، لسة عايزين نجيب الdessert. طلعت الshoe shine ولمعت حذائي، ثم نظرت في زجاج السيارة محاولاً أن أزيد أناقتي، فأنا على موعد مع سيدرا.. جميلة الجميلات.

My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.

“From day to day, my journey, the long pilgrimage before me. From night to night, my journey, the stories that will never be again. No day, no night, no moment can hold me back from trying. One flag, one fall, one falter, I’ll find my day maybe Far and away. One day, one night, one moment, with a dream to believe in. One step, one fall, one falter, find a new world across a wide ocean. This way became my journey, this day brings together, far and away…”

— Enya, Far and Away

Subscribe to my Newsletter

Would you like to get the occasional newsletter right to your email?